ومني خطاب أبي بكر بكثير من التساؤلات ، كان منها ما يلي :
١ ـ إنّه لم يعن بصورة مطلقة بوفاة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم التي هي أعظم كارثة مدمّرة فجع بها المسلمون ، فكان الأجدر به ـ فيما يقول المحقّقون ـ أن يعزّي الحاضرين بوفاة المنقذ العظيم الذي برّ بدين العرب ودنياهم ، ويدعوهم إلى الالتفاف حول جثمانه حتى يواروه في مقرّه الأخير ، ويعودوا بعد ذلك إلى عقد مؤتمر عامّ يضمّ المسلمين لينتخبوا عن إرادتهم وحرّيتهم من يرضونه خليفة لهم ـ على فرض أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يعهد إلى الإمام عليهالسلام بولاية العهد ـ.
٢ ـ إنّ هذا الخطاب قد حفل أوّلا وأخيرا بطلب الامرة والسلطان ، وقد عرض أبو بكر على الأنصار التنازل عن الخلافة ومنحها للمهاجرين ومنّاهم عوض ذلك أن تكون لهم الوزارة ، إلاّ أنّه من المؤسف لمّا تمّ له الأمر لم يقلّدهم أي منصب من مناصب الدولة وأقصاهم عن جميع مراتب الحكم.
٣ ـ وتجاهل خطاب أبي بكر بالمرّة حقّ الاسرة النبوية التي هي عديلة القرآن ، أو كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق وهوى ، حسبما تواترت الأخبار بذلك عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وكان الأجدر بأبي بكر التريث بالأمر حتى يتمّ تجهيز النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ويؤخذ رأي عترته الطاهرة في الخلافة حتى تحمل طابعا شرعيا ، ولا يحدث انقسام بين صفوف المسلمين ، ولا توصم بيعته بأنّها فلتة وقى الله المسلمين شرّها ـ كما يقول عمر ـ ، وعلّق الإمام شرف الدين على إهمال العترة الطاهرة وعدم أخذ رأيّها في بيعة أبي بكر بقوله :
لو فرض أنّ لا نصّ بالخلافة على أحد من آل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وفرض كونهم غير