وجدعت أنفه واذنيه وجعلتهم قلادة لها ، واثر عنها من الشعر قد سجّلت فيه شكرها لوحشي قاتل حمزة وهو :
نحن جزيناكم
بيوم بدر |
|
والحرب بعد
الحرب ذات سعر |
ما كان عن عتبة
لي من صبر |
|
ولا أخي وعمّه
وبكر |
شفيت نفسي وقضيت
نذري |
|
شفيت يا وحشي
غليل صدري |
فشكر وحشي على
عمري |
|
حتى ترم أعظمي
في قبري |
وحكى هذا الشعر خساسة طبعها ولؤم عنصرها ، وقد مثّلت هند بجثّة حمزة عمّ النبي شرّ تمثيل.
وسارع الجاهلي أبو سفيان نحو ساحة المعركة يتفرّس في وجوه شهداء المسلمين ليروي غليله ، فرأى جثّة الشهيد حمزة التي مزّقتها هند ، فطار سرورا وفرحا وقال بصوت تفيض منه الشماتة والأحقاد :
يا أبا عمارة ، دار الدهر ، وحال الأمر ، واشتفت منكم نفسي.
ثمّ هزّ رمحه وطعن به شدق جثّة حمزة ، وهو يردّد : ذق عقق ... ذق عقق (١).
وولّى وهو ناعم البال قرير العين قد روى قلبه المترع بالشرك والرذائل من زعيم الهاشميّين وبطل الإسلام.
ووقف النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم على جثمان عمّه الذي مثّلت به هند أقسى ألوان التمثيل فذابت نفسه أسى وحزنا كأشدّ ما يكون الحزن ، وراح يقول مخاطبا عمّه :
__________________
(١) الإمام عليّ بن أبي طالب ـ عبد الفتّاح عبد المقصود ١ : ٨٢.