فجعلت تثير عواطف القرشيّين وتستهين بزوجها قائلة : اقتلوا الحميت (١) الدنس قبّح من طليعة قوم.
وراح أبو سفيان يحذّر قريشا من مغبّة عصيانه ويحذّرهم من بطش المسلمين.
وسارعت جيوش المسلمين لدخول مكّة وهي فرحة مستبشرة بهذا النصر ، فإنّها لم تلق أيّة مقاومة من قريش ، وقد حمل الراية سعد بن عبادة ، وهو يلوّح بها في الفضاء ويهتف : اليوم يوم الملحمة ، اليوم تستحلّ الحرمة ..
فسمعها عمر بن الخطّاب ـ كما يقول ابن هشام ـ فسارع إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قائلا :
يا رسول الله ، اسمع ما قال سعد؟
فأمر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بأخذ اللواء من سعد وإعطائه إلى الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام ، فأخذه وأدخله إدخالا رقيقا ، ورفع صوته قائلا :
« اليوم يوم المرحمة ، اليوم تصان الحرمة ... ».
وعمّت الفرحة الكبرى جميع أوساط القرشيّين ، وأيقنوا أنّ النبيّ لا يؤاخذهم بما اقترفوه تجاهه من التنكيل والاعتداء.
وسارع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد دخوله مكّة إلى بيت الله الحرام ، فأغلق بوجهه عثمان ابن طلحة باب الكعبة وصعد على سطحها ، وأبى أن يدفع إليه المفتاح ، وبادر إليه الإمام عليهالسلام فلوى يده وأخذ المفتاح منه وفتحها للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فصلّى فيها ركعتين (٢) ثمّ
__________________
(١) الحميت : الشديد الدناسة.
(٢) صبح الأعشى ٤ : ٢٦٩.