على من لم يلتحق بجيش اسامة.
« أيّها النّاس ، ما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري اسامة؟ ولقد طعنتم في تأميري أباه ، وأيم الله إنّه كان لخليقا بالإمارة وإنّ ابنه من بعده لخليق بها ... » (١).
ثمّ نزل عن المنبر وهو متألّم كأشدّ ما يكون الألم ، وجعل يؤكّد على الالتحاق بجيش اسامة ، ويلعن من تخلّف عنه قائلا :
« جهّزوا جيش اسامة .. ».
« نفّذوا جيش اسامة ... ».
« لعن الله من تخلّف عن جيش اسامة .. ».
ولم تثر هذه الأوامر المشدّدة من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حفائظ نفوسهم ، ولم تدفعهم إلى الالتحاق بجيش اسامة ، فقد تثاقلوا واعتذروا للرسول بشتّى المعاذير الواهية ، وهو سلام الله عليه لم يمنحهم العذر ، وإنّما أظهر السخط وعدم الرضا .. وهناك بحوث مهمّة عرضنا لها بالتفصيل في كتابنا ( حياة الإمام الحسن عليهالسلام ).
واستبان للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بصورة مكشوفة ما عليه بعض الصحابة من تصميمهم على صرف الخلافة عن وصيّه وباب مدينة علمه الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام ، فرأى أن يكتب كتابا خاصّا بالنصّ عليه ، ويعزّز بيعة يوم الغدير ، ويسدّ بذلك أبواب المتآمرين عليه ، فقال :
« ائتوني بالكتف والدّواة لأكتب لكم كتابا لن تضلّوا بعده أبدا ... ».
يا لها من نعمة كبرى على المسلمين أنّه التزام من سيّد الكائنات بأن لا تضلّ
__________________
(١) السيرة الحلبية ٣ : ٣٤.