كلّها ؛ ولأنّ النبيّ كان يدعوه أخاه حتى قالت له أمّ أيمن ذات يوم مداعبة : تدعوه أخاك وتزوّجه ابنتك؟ ولأنّ النبي قال له : « أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي » ، وقال للمسلمين يوما آخر : « من كنت مولاه فعليّ مولاه » ، من أجل ذلك أقبل العبّاس بعد وفاة النبيّ على ابن أخيه وقال له : ابسط يدك ابايعك .. (١).
وعلى أي حال فإنّ الإمام امتنع عن بيعة أبي بكر ، وأعلن سخطه البالغ على ذلك في كثير من خطبه وكلماته.
وأجمع رأي الجهاز الحاكم على ارغام الإمام وقسره على البيعة لأبي بكر ، فأرسلوا حفنة من الشرطة فأحاطت بداره ، وأمامهم عمر بن الخطّاب وهو يرعد ويبرق ويتهدّد ويتوعّد ، وبيده قبس من نار يريد أن يحرق بيت الوحي ، فخرجت إليه حبيبة الرسول وبضعته الصدّيقة الطاهرة الزهراء فصاحت به :
« ما الّذي جئت به يا ابن الخطّاب؟ ».
فأجابها بعنف : الذي جئت به أقوى ممّا جاء به أبوك (٢).
__________________
(١) علي وبنوه : ١٩.
(٢) أنساب الأشراف للبلاذري ٢ : ١٠ ، وقد أجمع المؤرّخون والرواة على تهديد عمر للإمام بإحراق داره ، يقول شاعر النيل حافظ إبراهيم :
وقولة لعليّ قالها عمر |
|
أكرم بسامعها أعظم بملقيها |
حرقت دارك لا أبقي عليك بها |
|
إن لم تبايع وبنت المصطفى فيها |
ما كان غير أبي حفص بقائلها |
|
أمام فارس عدنان وحاميها |
وقد نصّت على ذلك هذه المصادر : الإمامة والسياسة ١ : ١٢. شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ١ : ٣٤. تاريخ الطبري ٣ : ٢٠٢. تاريخ أبي الفداء ١ : ١٥٦. تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٠٥.
الأموال ـ أبو عبيد : ١٣١. مروج الذهب ١ : ٤١٤. الإمام عليّ بن أبي طالب ـ عبد الفتّاح عبد المقصود ١ : ٢١٣. أعلام النساء ٣ : ٢٠٥.