وأخرج الإمام بعنف ، وجيء به إلى أبي بكر ، فصاح به حزبه :
بايع أبا بكر.
فأجابهم الإمام بحجّته الدامغة ـ وهو غير وجل من جبروتهم ـ قائلا :
« أنا أحقّ بهذا الأمر منكم ، لا ابايعكم وأنتم أولى بالبيعة لي ، أخذتم هذا الأمر من الأنصار ، واحتججتم عليهم بالقرابة من النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وتأخذونه منّا أهل البيت غصبا ، ألستم زعمتم للأنصار أنّكم أولى بهذا الأمر منهم لما كان محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم منكم فأعطوكم المقادة وسلّموا إليكم الإمارة؟ وأنا أحتجّ عليكم بمثل ما احتججتم به على الأنصار ، نحن أولى برسول الله حيّا وميّتا فانصفونا إن كنتم تؤمنون وإلاّ فبوءوا بالظّلم وأنتم تعلمون » (١).
وحكى هذا الخطاب الحجّة التي تغلّب بها المهاجرون من قريش على الأنصار ، وهي قربهم من النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإنّها متوفّرة فيه على أكمل الصور والوجوه ، فهو ابن عمّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأبو سبطيه ، وختنه على ابنته ، ولم يجد هذا المنطق الفيّاض مع القوم ، فاندفع عمر بعنف قائلا :
بايع.
« وإن لم أفعل؟ ».
والله! الذي لا إله إلاّ هو نضرب عنقك.
ونظر الإمام فإذا ليس له معين ولم يكن يأوي إلى ركن شديد ، فقال بصوت حزين النبرات :
« إذن تقتلون عبد الله وأخا رسوله ».
__________________
(١) حياة الإمام الحسين بن عليّ عليهماالسلام ١ : ٢٥٦.