وآثرنا الايجاز في خلافة عمر ولم نعرض إلى الأحداث التي رافقت حكومته ، خصوصا ما صدر منه من الفتاوى التي كانت من الاجتهاد قبال النصّ كتحريم المتعة وغيرها ، فقد عرض لها علماء الشيعة وفقهاؤهم ، وفي طليعتهم الإمام الأعظم شرف الدين في كتابه الذائع الصيت ( النصّ والاجتهاد ) ، والمحقّق الكبير الإمام الشيخ عبد الحسين الأميني في كتابه الخالد ( الغدير ).
وعلى أي حال فإنّ الذي يعنينا اغتيال عمر ، ووضعه لنظام الشورى قبل وفاته ، أمّا اغتيال عمر فيعزوه بعض الكتّاب المحدثين إلى بني أميّة ، فقد أرادوا التخلّص من حكمه وفرض سلطانهم على المسلمين (١) ، وقد استدلّوا على ذلك بأنّ أبا لؤلؤة الذي اغتال عمر كان مولى للمغيرة بن شعبة الذي له صلة وثيقة بالأمويّين ... وهذا الرأي لا يحمل أي طابع من التحقيق ؛ لأنّ علاقة عمر بالأمويّين كانت وثيقة للغاية ، ولم تقع بينهما أيّة منافسة ، وكانوا من أعداء الإمام وهو المنافس الوحيد له.
واستعمل عمر وجوه الأمويّين ولاة على الأقطار الإسلامية أمثال يزيد بن أبي سفيان ، وسعيد بن العاص ومعاوية ، ولم يشاطر أي واحد منهم أمواله كما شاطر بقيّة عمّاله ، وكان معنيّا بشئون نسائهم ، فقد أقرض هند بنت عتبة أمّ معاوية أربعة آلاف من بيت المال تتّجر فيها (٢) ، وقد أعدّ في بيته مكانا خاصّا فرشه بأحسن الفرش ولم يسمح لأي أحد بالدخول فيه سوى أبي سفيان ، وعوتب على ذلك فقال : هذا شيخ قريش (٣) ، فكيف يقومون باغتياله.
__________________
(١) من أنصار هذا الرأي العلاّمة المغفور له العلائلي ، ذهب إلى ذلك في كتابه ( سموّ المعنى في سموّ الذات ) : ص ٣١.
(٢) الكامل في التاريخ ٣ : ٣٣.
(٣) سير أعلام النبلاء ٣ : ٣٤١.