إلى هذه النّظائر! ـ يعني أعضاء الشورى.
أجل والله! ـ يا أمير المؤمنين ـ! أنّه متى اعترض الريب لأي أحد من المسلمين وغيرهم أنّك أفضل الناس علما وجهادا وورعا ، ولكن الأحقاد القرشية هي التي أخّرتك عن مقامك وحرمت الامّة من مواهبك وعبقرياتك.
ولم تكن الشورى العمرية سليمة ، فقد احتفّت بها المؤاخذات والمناقضات من جميع جهاتها ، وخلقت الكثير من المصاعب والفتن كان منها ما يلي :
١ ـ إنّ هذا النظام الذي صمّمه عمر لا يحمل أي طابع من حقيقة الشورى التي لا بدّ من أن تتوفّر فيها الامور التالية :
أ ـ أن تشترك الامّة بجميع شرائحها في الانتخاب.
ب ـ أن لا تتدخّل الحكومة بصورة مباشرة أو غير مباشرة في شئون الانتخاب.
ج ـ أن تتوفّر الحريات العامّة لجميع الناخبين.
وفقدت الشورى العمرية هذه العناصر ، ولم يعدّ لها أي وجود فيها ، فقد حظر عمر على الامّة وعلى الشخصيات البارزة من التدخّل في الانتخاب أمثال المجاهد الكبير عمّار بن ياسر والصحابي العظيم أبي ذرّ ، ومالك الأشتر الزعيم الكبير ، ولم يجعل الأنصار حماة الإسلام أي نصيب في ذلك ، وإنّما فوّض عمر الأمر إلى ستّة أشخاص ، وجعل آراءهم منطق الفصل ، وهذا لون من ألوان التزكية تفرضه بعض الحكومات التي لا تعنى بأي حال بإرادة شعوبها ، ومضافا إلى ذلك فقد أو عز إلى الشرطة بالتدخّل في عمليات الانتخاب ، وعهد إليهم بقتل كلّ شخص من أعضاء الشورى لا يتّفق مع البقيّة منهم.