بأي حال من الأحوال أن يتولّى شئون المسلمين ، ولم يضع نظام الشورى إلاّ لأجل ذلك ، وإنّ ما يبغيه إيصال الحكم إلى عثمان عميد الاسرة الأموية ، فقد التقى الإمام بعمّه العبّاس وقال له :
« يا عمّ ، لقد عدلت ـ أي الخلافة ـ عنّا ».
من أعلمك بذلك؟
« لقد قرن بي عثمان وقال : كونوا مع الأكثر ، ثمّ قال : كونوا مع عبد الرّحمن ، وسعد لا يخالف ابن عمّه عبد الرّحمن ، وعبد الرّحمن صهر لعثمان ، وهم لا يختلفون ، فإمّا أن يولّيها عبد الرّحمن لعثمان ، أو يولّيها عثمان لعبد الرّحمن ... » (١).
وصدق تفرّس الإمام ، فقد ولاّها عبد الرحمن لعثمان إيثارا لمصالحه وابتغاء لرجوعها إليه.
لقد كانت الشورى باسلوبها مؤامرة مفضوحة لا ستار عليها في إبعاد الإمام عن الخلافة ، يقول الإمام كاشف الغطاء :
الشورى بجوهرها وحقيقتها مؤامرة واقعية وشورى صورية ، وهي مهارة بارعة لفرض عثمان خليفة على المسلمين رغما عليهم بتدبير بارع عاد على الإسلام والمسلمين بشرّ ما له دافع (٢).
وراح الإمام بعد سنين ـ يتحدّث بأسى ـ عن الشورى العمرية التي صمّمت لإقصائه عن مركز الحكم يقول عليهالسلام :
حتّى إذا مضى لسبيله ـ يعني عمر ـ جعلها في جماعة زعم أنّي أحدهم ، فيا لله وللشّورى! متى اعترض الرّيب فيّ مع الأوّل ـ يعني به أبا بكر ـ منهم ، حتّى صرت أقرن
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ : ٣٥.
(٢) حياة الإمام الحسين بن عليّ عليهماالسلام ١ : ٣١٧.