ملأ يهبط وملأ يعرج ، وما فارقت سمعي هينمة منهم (١) يصلّون عليه ... ».
وكان العباس عمّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم واسامة يناولان الإمام الماء من وراء الستر (٢).
وكان الطيب في أثناء الغسل يخرج من الجسد الطاهر ، والإمام يقول :
« بأبي أنت وأمّي يا رسول الله ، طبت حيّا وميّتا » (٣) ، أمّا الماء الذي غسّل فيه الرسول فهو من بئر يقال لها الغرس ، وكان يشرب منها (٤) ، وبعد الفراغ من الغسل أدرجه الإمام في أكفانه ، ووضعه على السرير.
وأوّل من صلّى على الجثمان المقدّس هو الله تعالى من فوق عرشه ، ثمّ جبرئيل ، ثمّ إسرافيل ، ثمّ الملائكة زمرا زمرا (٥) ، وهرع المسلمون للصلاة على جثمان نبيّهم ، فقال لهم الإمام :
« لا يقوم عليه إمام منكم ، هو إمامكم حيّا وميّتا » ، فكانوا يدخلون عليه رسلا رسلا فيصلّون عليه صفّا ليس لهم إمام ، وأمير المؤمنين واقف إلى جانب الجثمان وهو يقول :
« السّلام عليك أيّها النبيّ ورحمة الله وبركاته .. اللهمّ إنّا نشهد أنّه قد بلّغ ما أنزل إليه ، ونصح لامّته ، وجاهد في سبيل الله حتّى أعزّ الله دينه وتمّت كلمته ، اللهمّ فاجعلنا ممّن يتّبع ما أنزل إليه ، وثبّتنا بعده ، واجمع بيننا وبينه ».
__________________
(١) الهينمة : الصوت الخفي.
(٢) البداية والنهاية ٥ : ٢٦٣.
(٣) الطبقات الكبرى ٢ : ٦٣.
(٤) البداية والنهاية ٥ : ٢٦١.
(٥) حلية الأولياء ٤ : ٧٧.