واندفع ابن الخطّاب بثورة قائلا :
أمّا عبد الله فنعم ، وأمّا أخو رسوله فلا.
ونسى عمر أنّ الإمام أخو النبيّ وباب مدينة علمه ، والتفت إلى أبي بكر يحثّه على الوقيعة به قائلا :
ألا تأمر فيه بأمرك؟ ...
وخاف أبو بكر من الفتنة فقال :
لا أكرهه على شيء ما كانت فاطمة إلى جانبه ...
وانبرى أبو عبيدة بن الجرّاح ، وهو من أبرز أنصار أبي بكر فخاطب الإمام قائلا : يا ابن عمّ ، إنّك حدث السنّ وهؤلاء مشيخة قومك ، ليس لك مثل تجربتهم ومعرفتهم بالامور ، ولا أرى أبا بكر إلاّ أقوى على هذا الأمر منك وأشدّ احتمالا واضطلاعا به ، فسلّم الأمر لأبي بكر ، فإنّك إن تعش ويطل بك بقاء ، فأنت لهذا الأمر خليق ، وبه حقيق في فضلك ودينك وعلمك وسابقتك ونسبك وصهرك ....
وأثارت هذه المخادعة كوا من الألم والأسى في نفس الإمام فاندفع يخاطب المهاجرين ويعظهم قائلا :
« الله الله يا معشر المهاجرين! لا تخرجوا سلطان محمّد في العرب عن داره ، وقعر بيته إلى دوركم وقعور بيوتكم ، ولا تدفعوا أهله عن مقامه في النّاس وحقّه .. فو الله يا معشر المهاجرين! لنحن أحقّ النّاس به ـ لأنّا أهل البيت ـ ، ونحن أحقّ بهذا الأمر منكم ، ما كان فينا إلاّ القارى لكتاب الله ، الفقيه في دين الله ، العالم بسنن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، المضطلع بأمر الرّعيّة ، الدّافع عنهم الأمور السّيّئة ، القاسم بينهم بالسّويّة ، والله! إنّه لفينا فلا تتّبعوا الهوى فتضلّوا عن سبيل الله فتزدادوا من الحقّ بعدا » (١).
__________________
(١) حياة الإمام الحسن بن عليّ عليهماالسلام ١ : ١٥٧ ، نقلا عن الإمامة والسياسة ١ : ١١.