وقد حكى هذا المقطع من خطابه ما ألمّ به من الأسى من فقدان الناصر أيام حكومة أبي بكر ، فإنّه لم تكن عنده قوّة تحميه ولم يكن يأوي إلى ركن شديد لإرجاع حقّه ، فصبر على ما في الصبر من قذى في العين وشجى في الحلق.
ب ـ قال عليهالسلام :
« فنظرت فإذا ليس لي معين إلاّ أهل بيتي ، فضننت بهم عن الموت ، وأغضيت على القذى ، وشربت على الشّجا ، وصبرت على أحر الكظم ، وعلى أمرّ من طعم العلقم » (١).
وحكى هذا المقطع أنّه لم يكن مع الإمام عليهالسلام سوى أسرته الماثلة في أبنائه وأبناء أخيه ، ومن المؤكّد أنّه لو فتح باب الحرب مع أبي بكر لقضي على الاسرة الهاشمية ، بالاضافة إلى ما تواجهه الامّة من أخطار هائلة.
ج ـ وبايعت الأكثرية الساحقة أبا بكر تحت ضغط عمر ، وقد أراد الإمام عليهالسلام أن يقيم عليهم الحجّة فطاف بزهراء الرسول على بيوت المهاجرين والأنصار يسألهم النجدة ومناهضة الحكم القائم ، فكانوا يقولون لبضعة الرسول :
يا بنت رسول الله ، قد مضت بيعتنا لهذا الرجل ، فتردّ عليهم حبيبة رسول الله :
« أفتدعون تراث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يخرج من داره إلى غير داره؟ ... ».
وراحوا يعتذرون إليها قائلين :
يا بنت رسول الله ، لو أنّ زوجك سبق إلينا قبل أبي بكر لما عدلنا به ..
ويجيبهم الإمام عليهالسلام :
« أفكنت أدع رسول الله في بيته لم أدفنه ، ثمّ أخرج أنازع النّاس سلطانه؟! ... ».
__________________
(١) نهج البلاغة ١ : ٦٧.