أين الكهول وأين
كلّ دعامة |
|
في المعضلات
وأين زين الأبطح (١)؟ |
وروى ابن طاوس عن أبيه أنّه قال للإمام زين العابدين :
ما بال قريش لا تحبّ عليّا؟
فأجابهم الإمام :
لأنّه أورد أوّلهم النار ، وألزم آخرهم العار (٢).
لقد كان بغض القرشيّين للإمام عليهالسلام مكشوفا وغير خفي على أحد ، وخاف الأنصار من استيلاء المهاجرين على دست الحكم فينزلون بهم الضربات القاصمة لولائهم للإمام عليهالسلام ومودّتهم له.
ثالثا : إنّ الأنصار كانوا العمود الفقري للقوّات الإسلامية ، وقد أشاعوا الحزن والحداد في بيوت القرشيّين ، ومن المؤكّد أنّ القرشيّين كانوا يحقدون أشدّ الحقد على الأنصار ، وأنّهم لا يألون جهدا في الانتقام منهم ، فلذا سارعوا في عقد مؤتمرهم خشية من المهاجرين ، يقول الحبّاب بن المنذر وهو من مفكّري الأنصار :
لكنّنا نخاف أن يليها بعدكم من قتلنا أبناءهم وآباءهم واخوانهم (٣).
وتحقّق ما تنبأ به الحبّاب ، فإنّه لم يكد ينتهى حكم الخلفاء القصير الأمد حتى آل الحكم إلى الأمويّين فسعوا جاهدين في إذلالهم والتنكيل بهم. وقد أمعن معاوية في قهرهم وظلمهم ، ولمّا ولي الأمر بعده يزيد جهد على الوقيعة بهم فأباح دماءهم وأموالهم وأعراضهم في واقعة الحرّة المحزنة التي لم يشاهد التاريخ لها نظيرا في فظاعتها وقسوتها.
رابعا : إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم استشفّ من وراء الغيب ما تعانيه الأنصار من بعده من
__________________
(١) و (٣) حياة الإمام الحسين بن عليّ عليهماالسلام ١ : ٢٣٥.
(٢) معجم الشيوخ ـ ابن الاعرابي ٤ : ١٦.