أولا وثانيا إذا كان ميزان التعبدي هو قصد الأمر لا يكون الظهور العرفي فيما ذكر مضرا لأن الأمر ينقلب عن هذا الظهور بواسطة احتمال التعبدية فإذا كان الدليل مطلقا ولم يقم إجماع على التعبدية يكفى إتيان العمل بدون قصد القربة.
ثم ان المحقق الخراسانيّ (قده) حيث لم يكن الإطلاق اللفظي عنده بمرضي سواء كان بأمر واحد أو امرين تصدى لإثبات إطلاق ذاتي وهو ان الخطاب إذا كان في نفسه السريان ولم يكن لحاظه يكفى كما في الأوامر المتوجهة إلى الناس فان اشتراك العالم والجاهل في ذلك يكون من أجل ان ذاته السريان وحيث لا يمكن ان يكون العلم بالخطاب من شرائط التكليف لأن اللازم منه الدور فان العلم بالخطاب متوقف عليه ضرورة انه ما لم يكن الخطاب لم يكن العلم به حاصلا وهو متوقف على العلم به ففي المقام أيضا حيث لا يمكن أخذ قصد الدعوة في متعلق التكليف لأن اللازم منه الدور يكون للخطاب سعة بأنه سواء كان مع القصد أو بدونه يكفى والنسبة بين الإطلاق والتقييد هو التضاد لا العدم والملكة حتى يكون المطلق ما من شأنه ان يكون مقيدا بل ما يكون فيه السريان الذاتي ولو لم يكن قابلا للتقييد يكفى للإطلاق وبعض الأعيان أجاب عن ذلك (١) ولكنا نقول ان الدور يكون في جميع المراتب من المصلحة والإرادة والأمر كما مر من عدم إمكان أخذ ذلك في الخطاب إلّا بنحو الانحلال فالحق مع المحقق الخراسانيّ (قده).
ثم هنا قسم ثالث من الإطلاق وهو الإطلاق المقامي.
بيانه ان يقال ان المولى إذا كان في صدد بيان تمام ما هو الدخيل في غرضه ولم يأت بما دل عليه نستكشف الإطلاق وإلّا يكون خلافا لغرضه وهو خلاف الحكمة والفرق بين الإطلاق اللفظي والمقامي بعد كونهما دليلين اجتهاديين هو ان شرط الأول هو ان يكون المولى في مقام بيان تمام المراد سواء كان القيد مما يغفل عنه أم لا ولكن يكون في صدد البيان بنفس اللفظ واما في صورة كون القيد مما
__________________
(١) في نهاية الدراية ج ١ ص ٢٠٥