ومنها صورة وجوب أداء الدين قبل تمام سنة الخمس فمن عصى ولم يؤد دينه يقولون بان خمس المال عليه واجب فان أداء الدين كان واجبا وبعصيانه تحقق وجوب التخميس بالنسبة إلى المال الّذي يكون في يده وهذا دليل على الترتب.
فأجاب المحقق الخراسانيّ (قده) المنكر للترتب بان هذا وأمثاله كاشف عن تمامية أمد الأهم بواسطة العصيان وهذا مختص بصورة وجود الدليل واما صورة عدم الدليل عليه فإطلاق الأهم يمنع عنه هذا أولا وثانيا ان الأمر بالمهم يكون إرشاديا بعد كون العقل حاكما بوجوبه من باب ان من ترك الأهم يكون عليه عقوبة لوجوب إتيانه فيمكن تخفيف العقوبة بإتيان المهم هذا.
ولكن التحقيق في أمثال ما ذكر هو القول بان التضاد التكويني يكون مرجعه إلى دوران الأمر بين بين المهم والأهم والقول بالترتب وعدمه فان الأمر بالإزالة فورا والأمر بالصلاة لا يكون التضاد بينهما من الشرع بل من ناحية عدم قدرة المكلف على الجمع بينهما بحيث لو كان قادر الا يكون التضاد متصورا بخلاف المقام الّذي يكون التضاد من الشرع من باب حكمه بالحكمين المتضادين فان الحكم بوجوب الصوم عند قصد الإقامة يكون ضدا لحرمة قصد العشرة من ناحية الشارع وكذلك الحكم بوجوب الرمس في الماء عند الصوم لإنقاذ الغريق ولو صار موجبا لبطلان الصوم يكون الجمع بين المتضادين من ناحية حكم الشرع بان الصوم يبطل والإنقاذ واجب.
فإذا عرفت ذلك فنقول فيما يكون التضاد من الشرع لا يكون الباب باب التزاحم بل مرجعه إلى تخصيص أحد الدليلين للآخر مثلا إذا قيل يحرم الرمس في الماء عند الصوم لأنه من مبطلاته فبالإطلاق أو العموم يشمل الرمس للإنقاذ أيضا فالدليل الدال على وجوبه للإنقاذ قد خصص هذا العام أو قيد هذا الإطلاق بأنه في صورة إنقاذ الغريق لا إشكال في الرمس فيكون مخصصا ولا ملاك لدليل العام في هذا المقام وكذلك عدم وجوب الخمس على من عليه دين يكون مخصصا بصورة عصيانه