إذا ورد في رواية فبأصالة الحقيقة يكشف المراد وان كان معنى اللفظ واضحا ولكن يكون الشك من جهة انه هل استعمله اللافظ في معناه الحقيقي بإرادة جدية أم لا بل يكون له إرادة استعمالية فائضا لا بحث عن التبادر وغيره من العلائم بل المتبع بناء العقلاء على ظاهر حالهم من إقامة القرينة لو كان المراد خلاف الجد.
واما على فرض عدم العلم بالمفهوم فيكون البحث عن أصالة الحقيقة موجها إذا كان المدار على الظهور الصادر واما إذا كان المدار على الظهور الواصل فاللفظ بعد إيراده لا يحتاج إلى شيء آخر لأن يفهم المعنى منه ولكن لا يخفى أن جريان أصالة الحقيقة فيما جرت فيه على فرض قبول ان مثبتها حجة لا يوجب ان يكون المعنى الواقعي لهذا اللفظ ما يثبت بها على انه يمكن إحراز الواقع بأصل آخر بواسطة القرائن بنحو القهقرى بأن نقول كان اللفظ حافا بالقرائن متصلا إلى زماننا كما يكون حافا بها في هذا الزمان ويفهم منها الظهور.
والحاصل لا نحتاج إلى البحث عن علائم الوضع ولا ثمرة لها فقهيا بل لنا ما يمكن الاستغناء عنها ولكن نبحث عنها لتشريح الذهن فنقول اما التبادر فهو ان يكون أول ما يفهم من اللفظ بعد إيراده أسبق وآنس بالذهن من سائر المفاهيم وهذا علامة كونه حقيقة فيه.
وقد أشكل عليه بأنه يلزم منه الدور لأن وضع اللفظ على المعنى حقيقة يتوقف على التبادر ضرورة لزوم وجود الأنس قبله والتبادر يتوقف على كون اللفظ موضوعا لهذا المعنى.
ولا يخفى ان هذا الإشكال وما يأتي من الجواب عنه يكون موروثا من الحكماء مثل الشيخ أبي علي بن سينا ومن يحذو حذوه وأخذ المحقق الخراسانيّ (قده) عنهم وكذا شيخنا الأستاذ العراقي (قدسسره) وان كان هو لم يطالع كتبهم الا قليلا وقد أجاب المحقق الخراسانيّ (قدسسره) بان العلم بالتبادر الّذي يكون الوضع متوقفا عليه يكون العلم الإجمالي الّذي حصل من لسان الأب والأم لأهل ذلك اللسان واما ما يطلبه المستعلم يكون علما تفصيليا حصل بعد الوضع هذا إذا كان مستعلما واما إذا كان المراد التبادر