في الاستنباط فان الأحكام يستنبط بواسطة الأصول والمراد بالعرض الذاتي هو ما لا يكون له واسطة في العروض فان حركة السفينة تكون عارضة لها بلا واسطة وحركة جالسها عارضة له بواسطتها فله واسطة في عروض الحركة واما الواسطة في الثبوت فيكون لكل موجود سوى الله تعالى. هذا هو المعروف بين الحكماء ثم يضمّون إلى هذا التعريف بان العرض الذاتي هو الذي لا يكون العارض فيه اعلم أو أخص مثل عروض الجنس على النوع وعروض الفصل على الجنس فان عروض الجنس على النوع من عروض الأعم على الأخص وعروض الفصل عليه من عروض الأخص على الأعم ويكون هذا من قبيل العرض الغريب لا الذاتي.
وقد أشكل على هذا التعريف للذاتي بان العوارض في أكثر العلوم يكون من عروض الجنس على النوع فان البحث في ان الأمر هل يقتضى الوجوب أو الاستحباب أو غيره أو هل يقتضى الفور أو التراخي الذي يكون البحث فيه في الأصول يكون من عروض الأعم على الأخص فان الأمر الخاصّ هو الأوامر الواردة في الشريعة والبحث عن انه هل يقتضى ما ذكر أم لا يكون في مطلق الأمر ونوع منه أوامر الشرع.
وأجابوا عن الإشكال بما يرجع حاصله إلى إنكار المبنى بوجوه : الأول : ان يقال ان العلم لا موضوع له أصلا أو لا يكون العرض فيكون آتيا أو أن الذاتي يطلق على حمل الأعم على الأخص وبالعكس اما بيان عدم الموضوع له هو ان يقال ان علم الأصول وكل علم يكون عدة من القواعد المجتمعة الدخيلة في غرض واحد فان الغرض في الأصول هو استنباط الأحكام والقواعد التي يتشكل ويترتب عليها هذا الأثر هو العلم والموضوع واما بيان ان العرض لا يكون ذاتيا فهو انه لا شبهة في ان البحث عن مسائل كل علم بالنسبة إلى الموضوع يكون ذاتيا واما بالنسبة إلى موضوع العلم فلا يكون ذاتيا بل يكون عروضه بالنسبة إلى موضوعه بواسطة موضوع المسائل واما بيان ان عروض الأعم على الأخص وبالعكس من الذاتي هو ان ذاتي الشيء هو ان يكون متحد الوجود معه ولا يحتاج إلى تخصص استعداد لهذا الشيء ليصير العرض عرضا له (مثل العالمية