والجواب عنه أولا بان المراد بذلك هو جعل العلقة بين طبيعي اللفظ والمعنى دون شخص هذا اللفظ فان هذا لا يكون الطبيعي بل بواسطة وجهته الطبيعية التي غير هذا اللفظ يجعل اللفظ للمعنى ويتحقق به الوضع وبوجهته الشخصية (١) يستعمل في المعنى وثانيا ان للنفس القدرة على ان تلاحظ الآلية والاستقلالية ثم بواسطة الاستعمال يفهم الوضع والاستعمال بتعدد الدال بمعنى قيام قرينة على ان هذا الاستعمال (٢) وضع أيضا أو يقال يكون الوضع في المرتبة المتقدمة على الاستعمال في النّفس.
واما الإشكال على هذا بان اللازم منه عدم كون الاستعمال حقيقة أو مجازا ضرورة عدم كون الاستعمال مسبوقا بالوضع ليصير حقيقة ولا مقرونا بقرينة المجاز ليصير مجازا فمندفع بأنا لا نلتزم ان الاستعمال يجب ان يكون على أحد الأنحاء المذكورة بل هذا الاستعمال غير الحقيقة والمجاز.
الأمر الثاني في ان البحث في ثبوت الحقيقة الشرعية وعدمه هل يختص بالألفاظ المخترعة في شرعنا الإسلام أو يشمل جميع ما كان له عنوان في الشرائع السابقة مثل الصلاة والصوم أو في العرف مثل البيع فقالوا بان النزاع مختص بالمخترعة.
وفيه ان النزاع عام يشمل غير المخترعة أيضا من حيث الثمرة ومن حيث العنوان اما الثاني فلان وجود عنوان في الشرع السابق مثل الصلاة والصوم لا يوجب ان يكون تسمية هذا المعنى بخصوصياته في هذا الشرع بذلك الاسم إمضاء لما في الشرع السابق أو في العرف مثل البيع فمن الممكن ان يكون وضعه اللفظ من باب الاستقلال في الجعل على انه لم يثبت وجود هذه العناوين بأسمائها في الشرع السابق بل كان بغير هذا الاسم من اللغات
__________________
(١) أقول هذا صحيح على فرض القول بالحصة في الطبيعي على إشكال واما على فرض ان الطبيعي ليس إلّا الفرد الذي لا ينافى وجوده وجود فرد آخر فكل إشكال في الطبيعي فهو في الفرد أيضا.
(٢) في هذه الصورة أيضا لا يخفى الاحتياج إلى القرينة لأن ما في النّفس يحتاج إلى الكاشف.