القضايا الحقيقيّة ، فلا يفيد هذا الجواب أصلا.
بيان ذلك : أنّ القضيّة إمّا خارجيّة بمعنى أنّ الحكم فيها مترتّب على الموضوع المتحقّق خارجا بجميع شرائطه ، كما إذا قال المولى : «أكرم هذا الشخص» فإذا كانت كذلك ، فلا بدّ للمولى من لحاظ الموضوع بجميع شرائطه وإحراز أنّ كلّ ما له دخل في حصول غرضه حاصل ، متقدّما كان أو متقارنا أو متأخّرا ، ثمّ الحكم بوجوب الإكرام ، فإذا حكم ، فليس على العبد إلّا الامتثال من دون حالة منتظرة له ، لفعليّة الحكم بفعليّة موضوعه عند المولى ، ولا عذر للعبد في ترك الامتثال أصلا حتى في صورة احتمال خطأ المولى.
وإمّا حقيقيّة وهي : ما ترتّب الحكم فيها على الموضوع المقدّر وجوده كما في «أكرم العالم» و «يجب الحجّ على المستطيع» وفي هذا القسم لا يصير الحكم فعليّا بمجرّد جعله بل هو حكم شأني لم يكن في الشرع ثمّ كان ، وفعليّته بفعليّة موضوعه ، فالمكلّف ما لم يصر مستطيعا لا إلزام في حقّه ولا بعث نحوه ، فليس مثل هذا الجعل في حقّه مناطا للإطاعة والعصيان ولا الثواب والعقاب ، فإذا صار مستطيعا ، ينقلب الموضوع من الفرض والتقدير إلى الواقع والتحقيق ، وينقلب الحكم من الشأنيّة إلى الفعليّة ، وحينئذ ترتّبه على موضوعه يكون كترتّب المعلول على علّته التامّة ولا يعقل الانفكاك ، فإنّه خلف محض ، فكلّ موضوع من موضوعات الأحكام ما لم يتحقّق في الخارج بجميع أجزائه وشرائطه لا يعقل ترتّب الحكم ، فتأخّر قيد أو شرط من قيود الموضوع وشرائطه كتأخّر بعض أجزاء العلّة عن معلولها ، وهو غير معقول.
ففي الحقيقة هذا منه ـ قدسسره ـ اشتباه مقام المجعول والفعليّة بمقام الجعل والإنشاء ، فإنّ لحاظ الموضوع بجميع القيود المأخوذة فيه من شرائط الجعل