بلفظ «في» بل الغالب في الجمل الإيجابيّة والسلبيّة هو النّظر إلى المعاني الحرفية بحيث تكون هي المقصودة بالإفادة ، فكيف يكون المعنى الحرفي ـ والحال هذه ـ ملحوظا آليّا!؟ بل الحقّ ـ كما تقدّم ـ أنّها ملحوظة في الجمل الإيجابيّة أو السلبيّة بالاستقلال ، كما هو الحال في المعاني الاسميّة التي تتضمّنها الجملة من دون فرق بينهما من تلك الجهة أصلا.
نعم ، المعنى الحرفي يختلف عن المعنى الاسمي في نفسه ، فهما سنخان من المعنى.
وثانيا : أنّه لا مانع ـ على تقدير الآليّة ـ من تقييد المعنى الحرفي قبل الاستعمال ثمّ تعلّق اللحاظ الآلي بذلك المقيّد ، في حال الاستعمال ، فإنّ آليّة اللحاظ المتعلّق به إنّما تكون في حال استعمال اللفظ فيه ، وهذا لا ينافي تعلّق اللحاظ الاستقلالي به قبل الاستعمال وتقيّده في حال ذلك اللحاظ ليكون استعمال اللفظ في ذلك المقيّد الملحوظ حال الاستعمال باللحاظ الآلي.
الثالث ممّا أورد على الوجه المزبور هو : أنّ حقيقة الإنشاء بعد أن كانت هي الإيجاد ـ غاية الأمر أنّ ذلك في وعاء الاعتبار لا في العالم الخارج ، فلا يمكن تحقّق الإنشاء من دون تحقّق المنشأ ، لأنّ الإيجاد يستحيل انفكاكه عن الوجود ، إذ هما شيء واحد ، والاختلاف بينهما بالاعتبار ، فمن حيث الإضافة إلى الفاعل يكون إيجادا ، ومن حيث الإضافة إلى القابل يكون وجودا ، فيستحيل تحقّق الإيجاد مع عدم تحقّق الوجود بالبداهة ـ فكيف يمكن تحقّق الإنشاء مع عدم تحقّق الطلب المنشأ به في ذلك الظرف!؟
ولا يخفى أنّ هذه الشبهة أوجه الشبه التي أوردت على الوجه المزبور ، وأقواها.