وقد أجاب في الكفاية (١) عنه : بأنّ المنشأ في المقام هو الطلب على تقدير ، لا الطلب الفعلي ، وأنّ إنشاء أمر على تقدير بمكان من الإمكان ، كالإخبار عن أمر على تقدير ، وأنّ المنشأ إذا كان هو المعلّق ، فلا بدّ من عدم تحقّق ذلك المنشأ قبل حصول المعلّق عليه ، وإلّا لزم تخلّف المنشأ عن الإنشاء ، فحيث إنّ المنشأ في المقام هو الطلب على تقدير خاصّ فلا بدّ من عدم تحقّق الطلب والبعث قبل حصول التقدير وتحقّقه.
ولكنّ التأمّل يقتضي عدم صحّة هذا الجواب ، إذ الإشكال إنّما هو من ناحية عدم إمكان تفكيك المنشأ عن الإنشاء بعد أن كان حقيقة الإنشاء هي الإيجاد ، إذ تحقّق الإيجاد في الخارج من غير أن يتحقّق الوجود مستحيل بالبداهة ، فتحقّق إنشاء أمر على تقدير فرع إمكانه ، والمستشكل يبرهن على عدم إمكانه ، فلا وقع لما ذكره في الكفاية ، إذ الكلام في إمكان مثل ذلك.
وأمّا ما ذكره في وجه إمكان ذلك من قياسه على الإخبار فغير تامّ ، لتحقّق الفرق التامّ بين الإخبار والإنشاء ، إذ الإخبار هو الحكاية ، والحكاية عن أمر معلّق كالحكاية عن أمر منجّز في الإمكان بالبداهة ، فيمكن [أن يكون] الإخبار بالفعل والمخبر عنه في المستقبل.
نعم ، اتّصاف متعلّق الإخبار بكونه مخبرا عنه ومحكيّا عنه مقارن لتحقّق الإخبار ، كما في اتّصاف متعلّق الإنشاء بذلك ، لكنّ الكلام ليس في ذلك ، بل في التحقّق ، وأنّه يمكن تحقّق الإخبار من دون تحقّق المخبر عنه في الخارج.
وأمّا الإنشاء فحقيقته الإيجاد على الفرض ، وتعلّق الإيجاد الفعلي بالأمر المستقبل مستحيل بالوجدان.
__________________
(١) كفاية الأصول : ١٢٣.