الحكيم ، كما أنّ الالتزام بالنسخ في جميع الخصوصات الواردة عن المعصومين ـ إن قلنا بجوازه في زمانهم ـ في غاية البعد ، حيث إنّها في غاية الكثرة ، بل ما من عامّ كتابي أو من سنّة النبيّ إلّا وقد ورد منهم عليهمالسلام مخصّص واحد أو اثنان أو أزيد ، وهل يرضى أحد أنّ جميع الأحكام ـ إلّا ما شذّ وندر منها ـ نسخ في عصر الأئمّة عليهمالسلام؟
وهكذا الالتزام بأنّ هذه الخصوصات كانت موجودة قبل حضور وقت العمل ولكن لم تصل إلينا [و] إلى زمانهم عليهمالسلام ـ كما يشهد به ورود بعضها عن طرق العامّة كما وصل إلينا بعينه ـ يصحّ في الجملة وفي بعض الموارد لا في جميعها ، فمن ذلك يقع الإنسان في حيرة وإشكال.
ومن ثمّ التزم شيخنا العلّامة الأنصاري ـ على ما حكاه شيخنا الأستاذ عن التقريرات وتبعه صاحب الكفاية (١) ـ بأنّ هذه العمومات وردت لبيان الأحكام الظاهريّة لتكون مرجعا للمكلّف في ظرف الشكّ ، فالخاصّ المخالف المتأخّر ناسخ للحكم الظاهري ، ومخصّص ومبيّن للحكم الواقعي ، ولا يلزم منه تأخير البيان عن وقت الحاجة ، كما لا يخفى.
ولا يخفى ما فيه ، فإنّ المراد من أنّها لبيان الأحكام الظاهرية إن كان أنّها كلّها غير ناظرة إلى الواقع ولا تبيّن الأحكام الواقعية بل هي متكفّلة لبيان وظيفة الشاكّ في الحكم الواقعي ، فهو باطل بالضرورة ، مضافا إلى أنّها لو كانت كذلك أيضا الكلام الكلام ، كما إذا ورد «كلّ شيء مطلق» ثمّ ورد بعد حضور وقت العمل به «أنّه في الشبهات قبل الفحص والأموال والأعراض يجب الاحتياط» فلنسأل عن هذا الخاصّ وأنّه مخصّص للعامّ أو ناسخ له؟
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٥٠٦ ، كفاية الأصول : ٢٧٦ ، وانظر : مطارح الأنظار : ٢١٢.