المعاندين بابا من السماء ، فجعلوا يصعدون فيه ، أن تصعد فيه الملائكة ، لما صدّقوا بذلك ، بل قالوا : إنما منعت وسدّت أبصارنا من الرؤية والإبصار ، وقد شبّه علينا ، واختلطت الأمور في أذهاننا ، وأصبحنا لا نرى إلا أخيلة ، كالقوم المسحورين ، سحرنا محمد بآياته ، كما في آية أخرى : (وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (٧)) [الأنعام : ٦ / ٧].
وخلاصة المعنى : بلغ من عناد المشركين في مكة وأمثالهم أنهم لو صعدوا في السماء حقيقة ، ورأوا الآيات عيانا ، لقالوا : هذه أوهام وأخيلة ، وقد سحرنا محمد ، وهذا منتهى العناد والإعراض. وتشير الآية إلى وجود الظلام في الفضاء الخارجي.
بعض مظاهر قدرة الله تعالى
يتكرر التّذكير ببعض مظاهر قدرة الله تعالى في آيات القرآن ، لا سيما في حال وصف عناد الكفرة والمشركين وتهديدهم بالعذاب ، وإنذارهم بالعقاب ، فإن الله قادر على كل شيء ، وهذا يدعو العقلاء إلى التزام جادة الاستقامة ، والزحزحة عن مواقف الكفر وتكذيب الرّسل ، ففي الكون أرضه وسمائه عبر منصوبة تدعو للإيمان. وكفر الكافرين وإعراضهم عنها ، أي عن العبر والآيات إصرار منهم وعتوّ ، قال الله تعالى مبيّنا بعض آيات قدرته :
(وَلَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَزَيَّنَّاها لِلنَّاظِرِينَ (١٦) وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ (١٧) إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ (١٨) وَالْأَرْضَ مَدَدْناها (١) (٢) (٣) (٤) (٥) (٦)
__________________
(١) منازل للكواكب السّيارة.
(٢) مطرود من الرحمة.
(٣) سرق المسموع من السماء.
(٤) أدركه ولحقه.
(٥) شعلة نار ظاهرة للعيان.
(٦) بسطناها للانتفاع بها.