وقد أصابتكم ، فإذا كان بإذن الله (١) ، وأصل الإذن العلم بالشيء من أذنت له ، أي استمعت إليه فعلمته (٢) ، ثم يقال في التعارف لمن لا يمنع من فعل شيء مع العلم به ، والقدرة عليه على منعه ، سواء أمر به أو لم يأمر : فعل كذا بإذنه (٣) ، فإذا حمل على العلم فنحو قوله : (وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها)(٤) وإذا حمل على الأمر فليس يعني أنه أمر الكفار بذلك ، وإنما عنى أنه أمر الملائكة المذكورين في قوله : (فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً)(٥) إن قيل : وإذا
__________________
(١) قال ابن عطية : «... فيحسن دخول الفاء إذا كان القيام سبب الإعطاء ، وكذلك ترتيب الآية فالمعنى إنما هو : وما أذن الله فيه فهو الذي أصاب ...» المحرر الوجيز (٣ / ٢٩٠).
(٢) قال ابن فارس : أذن له : إذا استمع ... وآذنتك بالشيء أعلمتكه ، وأذنت لك فيه. مجمل اللغة ص (٤٩).
(٣) وهذا ما عليه مذهب أهل السنة والجماعة في أن كل شيء يحدث في العالم إنما هو بقضاء الله وقدره ، سواء أكان مما يحبه الله أو مما يبغضه ، ولذلك فسرّ إماما التفسير ابن جرير الطبري وابن كثير الإذن في الآية بالقضاء والقدر أي المشيئة. انظر : جامع البيان (٧ / ٣٧٧) ، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير (١ / ٤٠١). وفي المعنى اللغوي انظر : تهذيب اللغة (١٥ / ١٦) ، والصحاح (٥ / ٢٠٦٨) ، ومعجم مقاييس اللغة ص (٦٧).
(٤) سورة الأنعام ، الآية : ٥٩.
(٥) سورة النازعات ، الآية : ٥. والصحيح أن الإذن في الآية هو الإذن الكوني ، وهو يرجع إلى مشيئة الله تعالى وقضائه وقدره. قال ابن أبي العز :