إشارة إلى ما فصّله قبل بقوله : (حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ)(١) الآية ، إن قيل : ما وجه قوله : (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) عقب هذه الآية؟ قيل : نبّه بذلك أن لم يصبكم ما أصابكم لوهن في دينكم أو ضعف في قدرة الله ، فكأنّه قيل : هو من عند أنفسكم ، لا من خلل دخل في أمره ، فإن الله على كل شيء قدير ، ومن كان هذه حاله فهو قادر على دفاعهم (٢).
قوله تعالى : (وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ فَبِإِذْنِ اللهِ)(٣) الآية.
دخول الفاء في قوله : (فَبِإِذْنِ اللهِ) لتضمّن الذي (٤) معنى الشرط (٥) ، كأنّه قيل : إن أصابتكم مصيبة فإصابتها بإذن الله ،
__________________
(١) سورة آل عمران ، الآية : ١٥٢.
(٢) ذكر أبو حيان نفس المعنى في البحر المحيط (٣ / ١١٢) ولم ينسبه للراغب.
(٣) سورة آل عمران ، الآيتان : ١٦٦ ، ١٦٧. ونصّهما : (وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ* وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَوِ ادْفَعُوا قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالاً لَاتَّبَعْناكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ).
(٤) انظر : معاني القرآن للأخفش (١ / ٢٢٠).
(٥) قال السمين الحلبي : «ودخلت الفاء في الخبر لشبه المبتدأ بالشرط». الدر المصون (٣ / ٤٧٤) ، وانظر : المحرر الوجيز (٣ / ٢٨٩) ، والجامع لأحكام القرآن (٤ / ٢٦٥). والفتوحات الإلهية (١ / ٣٣٣) وانظر تفصيل أحكام دخول الفاء في خبر المبتدأ وجواب الشرط في : تسهيل الفوائد (١ / ٢٣٦) ، وشرحه لابن مالك (١ / ٣٢٨).