يؤت من العقل إلا مقدار ما يلزم به حجة الله فقد صدقوا ، وإن عنوا العقول المجلوة السليمة من درن الهوى المعنيّة بقوله : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ)(١) ، وبقوله : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ)(٢) فليس كما ظنّوا. ومن زعم أن القول بحياة الأرواح يؤدّي إلى القول بالرجعة (٣) فوهم فاسد ، ولئن كان ذلك يؤدي إلى ما قالوه فإحياء الله من وصفهم بقوله : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ)(٤)
__________________
(١) سورة ق ، الآية : ٣٧.
(٢) سورة الزمر ، الآية : ٢١.
(٣) قال ابن الأثير : «والرجعة : مذهب قوم من العرب في الجاهلية معروف عندهم ، ومذهب طائفة من فرق المسلمين من أولي البدع والأهواء يقولون : إن الميت يرجع إلى الدنيا ويكون فيها حيّا كما كان ، ومن جملتهم طائفة من الرافضة يقولون : إن عليّ بن أبي طالب مستتر في السحاب ... ويشهد لهذا المذهب السوء قوله تعالى : (حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ* لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً) [المؤمنون : ٩٩ ، ١٠٠] يريد الكفار نحمد الله على الهداية والإيمان» النهاية (٢ / ٢٠٢). ويرى بعض المتخصصين أن كثيرا من فرق الشيعة يقولون بالرجعة ويتواصون بكتمانها وعدم التصريح باعتقادها. انظر : أصول مذهب الشيعة الإمامية الإثني عشرية عرض ونقد. رسالة دكتوراه. للدكتور ناصر القفاري (٢ / ٩٤١ ، ٩٤٦).
(٤) سورة البقرة جزء من الآية ٢٤٣. ونصّها : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ).