يصعب إدراك شرحه (١) ، وكأن التنكير في هذا إشارة إلى نحو ما قال : «فيها ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت» (٢) إن قيل : ما حقيقة (لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ)(٣)؟ قيل : لما كان من الأعمال التي صورتها في الدنيا صورة العبادات التي يستحق بها الثواب ما هو في الحقيقة غير عبادة يستحق بها الأجر ، وإياها قصد بقوله : (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً)(٤) بيّن هاهنا أن عمل المؤمنين لا يجري مجرى أعمال هؤلاء. إن قيل : ما الفرق بين الإفضال والإحسان؟ قيل : كلاهما اسم الزيادة على فعل العدالة ، وتجاوز ما يجب إلى ما يستحب ، لكن الإحسان يقال باعتبار جمال الفعل في نفسه وتحرّي تحسينه ، والإفضال يقال باعتبار فعل بفعل أو فاعل ، فيقال للزائد على الإجزاء فاضل (٥).
__________________
(١) ذكر أبو حيان هذا الكلام بتمامه في البحر المحيط (٣ / ١٢١) ، ولم يشر إلى الراغب. وانظر معاني التنكير في : الإيضاح ص (٥٠ ـ ٥٣) ، وشرح التلخيص لمحمد هاشم ص (٦٢).
(٢) تقدم تخريجه ص (٨٥٦).
(٣) سورة آل عمران ، الآية : ١٧١.
(٤) سورة الفرقان ، الآية : ٢٣.
(٥) فرق العسكري بين الإفضال والإحسان بنحو هذا التفريق ، فقال : «الفرق بين «الإحسان» و «الإفضال» أن الإحسان : النفع الحسن ، والإفضال : النفع الزائد على أقل المقدار ، وقد خصّ الإحسان بالفضل ، ولم يجب مثل