قيل : سبب نزول ذلك أن أبا سفيان وأصحابه تقدموا إلى نعيم ابن مسعود (١) ورضخوا (٢) له شيئا ، وقالوا : إذا مررت بمحمد وأصحابه ، فقل : إنا قد أجمعنا على قصدهم بخيل لا قبل لهم بها ، فلما أتاهم ، وقال لهم ذلك ، قالوا : حسبنا الله ونعم الوكيل (٣). إن قيل : لم : (قالَ لَهُمُ النَّاسُ) وإنما قال ذلك رجل واحد؟ قيل : لمّا كان القائل لنعيم أبا سفيان وأصحابه المعبّر عنهم بقوله : (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ) سمي المنبّىء عنهم بذلك (النَّاسُ ،) تنبيها أن المخوّفين في الحقيقة هم المخوّف منهم ، والآية وإن نزلت فيهم
__________________
(١) نعيم بن مسعود بن عامر بن أنيف الأشجعي صحابي مشهور ، أسلم في غزوة الأحزاب ، وفيها خذّل المشركين ، وأوقع بينهم وبين بني قريظة حتى صرفهم الله عن المدينة ، توفي في خلافة عثمان رضي الله عنه ، وقيل في أول خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه. انظر : الإصابة (٣ / ٥٦٨) وتقريب التهذيب ص (٥٦٥).
(٢) رضخوا : الرضخ : العطاء ليس بالكثير. انظر مجمع اللغة ص (٢٨٦).
(٣) رواه ابن سعد في الطبقات (٢ / ٥٩ ، ٦٠). والواقدي في مغازيه (٢ / ٤٨٠ ـ ٤٨٣) ، والذهبي في تاريخ الإسلام ، قسم المغازي ص (٢٢٦ ، ٢٢٧) ، وعبد الرزاق في المصنف (٥ / ٣٦٨ ، ٣٦٩) ، والبيهقي في الدلائل (٣ / ٤٤٥ ، ٤٤٦) ، وانظر الخبر في : جامع البيان (٧ / ٤٠٩ ـ ٤١١) ، وأسباب النزول ص (١٣٢) ، والوسيط (١ / ٥٢٢) ، وتفسير غرائب القرآن (٢ / ٣١٠).