بعد قوله : (ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللهِ) على القول الأول؟ قيل : يحتمل ذلك وجهين : أحدهما : أنّه بيّن بقوله : (ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللهِ) أنّ ما ذكره ثواب لهم ، ثم أخبر أنّ هذا الثواب لا يوجد إلا عنده ، فيكون قوله ([حُسْنُ])(١)(الثَّوابِ) إشارة إلى المذكور قبله (٢) ، والثاني : أن يكون حسن الثواب غير المذكور أولا ، فنبّه أنّ ما ذكرت أولا هو الذي عرفتكم ، وعند الله حسن الثواب ، الذي لم يعرّفكموه لعجزكم عن الوقوف عليه إشارة إلى المذكور في قوله : (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ)(٣) وفي قوله : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ)(٤).
__________________
ـ المشايخ الصوفية التي يشيرون بها تنقسم إلى : إشارة حالية ، وهي إشارتهم بالقلوب ... وتنقسم إلى الإشارات المتعلقة بالأقوال ، مثل ما يأخذونها من القرآن ونحوه فتلك الإشارات هي من باب الاعتبار والقياس ، وإلحاق ما ليس بمنصوص بالمنصوص ، مثل الاعتبار والقياس الذي يستعمله الفقهاء في الأحكام ... فإن كانت الإشارة اعتبارية من جنس القياس الصحيح كانت حسنة مقبولة ، وإن كانت كالقياس الضعيف كان لها حكمه ، وإن كان تحريفا للكلام عن مواضعه ، وتأويلا للكلام على غير تأويله ، كانت من جنس كلام القرامطة والباطنية والجهمية». مجموع فتاوى شيخ الإسلام (٦ / ٣٧٦ ، ٣٧٧).
(١) ما بين المعكوفين ساقط من الأصل والسياق يقتضيه.
(٢) ذكر هذا الوجه أبو السعود : في «إرشاد العقل السليم» (٢ / ١٣٤). وانظر : روح المعاني (٤ / ١٧٠ ، ١٧١).
(٣) سورة السجدة ، الآية : ١٧.
(٤) سورة يونس ، الآية : ٢٦. وانظر : جامع البيان (٧ / ٤٩٠ ، ٤٩١) ففيه