فيه تمتع ما (١) ، والآية تحتمل وجهين : أحدهما : أن جعل ما يتمتع به في الدنيا وإن كثر ، قليلا في جنب ثواب الله تعالى ، فلا يجب أن يغتر به ، إذا اعتبر بما يحصل لأربابها في المآل من العذاب ، والثاني : أنه أراد بالقليل قلة الفناء (٢) ، وأراد بجهنّم : جهنّم الدنيا وجهنّم الآخرة (٣) ، تنبيها أن من / حصل له مال لا ينفك من شغل لا ينقضى عناؤه ، وفقر لا يدرك غناؤه ، وحزن على فوت محبوب ، وخوف على فقد مطلوب ، كأنّهم في جهنم من سلب ما لهم ، وفي جهنم عند مآلهم ، كما قال : (فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا)(٤) وذكر «المهاد» على سبيل المثل (٥) ،
__________________
(١) تقدم الكلام على المتاع انظر ص (١٠٢٧) من هذه الرسالة. وانظر : تهذيب اللغة (٢ / ٢٩٠) ، ومعجم مقاييس اللغة ص (٩٧٣).
(٢) ذكر الوجهين النيسابوري في تفسير غرائب التفسير (٢ / ٣٣٥) ، وأبو حيان في البحر المحيط (٣ / ١٥٤).
(٣) الصحيح أن جهنم هي جهنم الآخرة. قال ابن جرير : (ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ) : بعد مماتهم. الجامع لأحكام القرآن (٧ / ٤٩٤) وانظر : تفسير القرآن للسمعاني (١ / ٣٩٠) ، والبحر المحيط (٣ / ١٥٤) ، وإرشاد العقل السليم (٢ / ١٣٥).
(٤) سورة التوبة ، الآية : ٥٥.
(٥) قال ابن جرير : «ويعني بقوله : (وَبِئْسَ الْمِهادُ) : وبئس الفراش والمضجع جهنم». جامع البيان (٧ / ٤٩٤).