سورة النساء
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ)(١) الآية.
قد تقدّم الكلام في الفرق بين (يا أَيُّهَا النَّاسُ) ، و (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) ، وأنه ذكر مع النّاس الربّ ومع الذين آمنوا «الله» (٢) ، فيا أيها النّاس خطاب عام ، ويا أيها الذين آمنوا أخصّ منه ، ويا عبادي أخصّ منهما ، وحيث يقصد خاصّ الخاصّ قال :
__________________
(١) سورة النساء ، الآية : ١. ونصّ الآية : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً).
(٢) قال الراغب : إن قيل : ما الفرق بين قوله : (اعْبُدُوا اللهَ) ، * وبين قوله : (اعْبُدُوا رَبَّكُمُ)؟ * قيل : في قوله : (اعْبُدُوا رَبَّكُمُ) إيجاب العبادة بواسطة رؤية نعمه التي بها تربيتهم وقوامهم. وفي قوله : (اعْبُدُوا اللهَ) إيجاب عبادته بمراعاته عزوجل من غير واسطة ، وعلى ذلك قوله : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ)[النساء : ١] ، وقوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ)[البقرة : ٢٧٨] فحيث ذكر الناس ذكر معه الرب ، وحيث ذكر الإيمان ذكر الله لما تقدم. انظر : تفسير الراغب لسورة البقرة (ق ٢٥ ، وق ١٠٧ مخطوط).