الأمر بالخشية والتقوى ، ووعيد لمن تعدّى ، وذكر الأكل لكونه أكثر ما يراد له المال ، وقيل : إنه لما نزلت هذه الآية تحرّج الناس من طعام اليتيم حتى أنزل الله تعالى : (وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ)(١) ، (٢) وليس هذا ناسخا للأول ، كما ظنّه قوم ، لأنه ليس في قوله : (وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ) إباحة لأكل مال اليتيم ظلما ، فتكون هذه ناسخة لها (٣) ، في
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية : ٢٢٠.
(٢) رواه عن ابن عباس موقوفا أحمد في المسند (١ / ٣٢٥) ، والنسائي في السنن ، كتاب الوصايا ، باب : ما للموصي من مال اليتيم إذا قام عليه ، (٦ / ٢٥٦) رقم (٣٦٧٠) ، وأبو داود في السنن ، كتاب الوصايا ، باب : مخالطة اليتيم في الطعام رقم (٢٨٧١) ، والحاكم في المستدرك ، كتاب التفسير (٢ / ٢٧٨ ، ٢٧٩ ، ٣٠٣ ، ٣١٨) ، وقال : صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وانظر : أسباب النزول للواحدي ص (٧٢) ، والعجاب (١ / ٥٤٧ ـ ٥٤٩) ، وأسباب النزول للسيوطي ص (٦٥).
(٣) ولذلك قال سبحانه بعد أن أجاز لهم مخالطة اليتامى في الطعام والشراب : (وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ). قال ابن كثير : «أي يعلم من قصده ونيته الإفساد أو الإصلاح». تفسير القرآن العظيم (١ / ٢٤٤).
قال الجصاص عن القائلين بالنسخ : «وهذا القول من قائله يدل على جهله بمعنى النسخ وبما يجوز نسخه مما لا يجوز ، ولا خلاف بين المسلمين أن أكل مال اليتيم ظلما محظور ...» أحكام القرآن (٢ / ٧٤).