قوله : (يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً)(١) وجهان : أحدهما : أن ذلك تشبيه ، إذ كان ذلك مؤديا إليه (٢) ، كقول النبي صلىاللهعليهوسلم : «يتهافتون في النار تهافت الجراد» (٣) ، وكقول الشاعر :
إذا صبّ ما في الوطب فاعلم بأنه |
|
دم الشيخ فاشرب من دم الشيخ أو دعا (٤) |
فسمّى اللبن دما لكونه بدلا منه. والثاني ما روي أن النار تجعل في بطنه يوم القيامة (٥). والقولان صحيحان وسيّان ، فإنه من
__________________
(١) سورة النساء ، الآية : ١٠.
(٢) انظر : تفسير النكت والعيون (١ / ٤٥٧) ، والسمعاني (١ / ٤٠٠) ، والكشاف (١ / ٤٧٩) ، والمحرر الوجيز (٤ / ٣٢) ، والبحر المحيط (٣ / ١٨٧).
(٣) ثبت نحوه من حديث جابر ، رواه مسلم في الفضائل ، باب : شفاعته صلىاللهعليهوسلم على أمته ، رقم (٢٢٨٥) ، ورواه أحمد (١ / ٣٩٠) ، من حديث ابن مسعود رضي الله عنه بنحوه.
(٤) البيت لجرير وهو من بحر الطويل ، يعيّر به جسّاس بن شداد بأنّه قبل الدية من رجل من نمير قتل أباه شدّادا. انظر : ديوان جرير (٢ / ٧٩٦) ، ويعني بما في الوطب : لبن إبل الدية الذي في الإناء ، والوطب : سقاء اللبن ، وهو جلد الجذع فما فوقه. وانظر : المعاني الكبير (٢ / ١٠١٩) ، والمحاضرات (٤ / ٧٤) ، والقاموس ص (١٣٠).
(٥) قال أبو حيان : «وظاهر قوله : (ناراً) أنهم يأكلون نارا حقيقة ...