البنتين ، قال ابن عباس : حكمهما حكم الواحدة ، وقال سائر الفقهاء : حكمهما حكم ما فوقهما (١) ، ثم اختلف من أيّ وجه صار حكم الاثنتين حكم ما فوقهما؟ فقال بعضهم : إن ذلك أجري مجرى الثلاث بالقياس ، لأنه به أشبه /. وقال بعضهم : بل اللفظ اقتضى ذلك ، وهو الصحيح. وبيان ذلك أنه قال : (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ،) ولا فرق بين أن يقال ذلك أو يقال : للأنثيين مثل حظ الذكر. وقد ثبت أن حظ الذكر إذا كان مع أنثى الثلثان ، فاقتضى ذلك أن فرض الأنثيين الثلثان ، فصار ذلك مدلولا عليه بفحوى الكلام دون الصريح ، وفرض الواحدة وما زاد على البنتين فبالصريح ، قال : ويقوي ذلك أن القسمة العددية ضربان : مركب ومفرد ، وقد ذكر حكم المركب بقوله : (فَإِنْ كُنَّ نِساءً) ، وحكم المفرد بقوله : (وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ) والاثنان بدء المركب من الأعداد ، فيجب أن يكون حكمه ملحقا به ، ويدلّ على ذلك ما قاله في آخر السورة قوله :
__________________
(١) قال السمعاني : «أكثر الصحابة والعلماء على أن للابنتين والثلاث الثلثين. وقال ابن عباس : للابنتين النصف ، وإنما الثلثان للثلاث وما زاد ؛ تمسكا بظاهر الآية ، والأول أصحّ» تفسير القرآن للسمعاني (١ / ٤٠١) ، وانظر : جامع البيان (٨ / ٣٦) ، وأحكام القرآن للجصاص (٢ / ٨٠) ، وأحكام القرآن لابن العربي (١ / ٣٣٦) ، والمحرر الوجيز (٤ / ٣٤) ، والجامع لأحكام القرآن (٥ / ٦٣) ، والبحر المحيط (٣ / ١٩٠).