صقل العقل ، وقمع الشهوة ، وكلّ أمر ونهي فذريعة إليهما ، صار اتباع الشهوة سبب كل مذمة ، فلذلك عبر بمتبع الشهوات عن الفاسق والكافر ، وعلى هذا قوله : (أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ)(١) ، فإن قيل : فليس اتباع الشهوات مذموما في كل حال ، بل منها ما هو محمود ، قيل : قد قال بعض المتكلمين (٢) وبعض المفسرين : عنى بذلك بعض الشهوات (٣) ، وقال بعضهم : عنى من يتبع الشهوات كلها (٤) ، والصحيح أن اتباع الشهوة في
__________________
ـ ومعاني القرآن للنحاس (٢ / ٦٩) ، وأحكام القرآن للجصاص (٢ / ١٧١) ، ومدارك التنزيل (١ / ٣٥١).
(١) سورة مريم ، الآية : ٥٩.
(٢) المتكلمون : هم كلّ من انتسب إلى الكلام المذموم باعتقاده والمجادلة عنه ، وتكلم في الله وصفاته وأسمائه بما يخالف الكتاب والسنة. انظر : درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية (١ / ١٧٨).
(٣) كالزنا على تفسير مجاهد والضحاك رحمهماالله. انظر : جامع البيان (٨ / ٢١٣) ، والنكت والعيون (١ / ٤٧٤) ، ومعالم التنزيل (٢ / ١٩٩) ، والمحرر الوجيز (٤ / ٨٩) ، وزاد المسير (٢ / ٦٠) ، والجامع لأحكام القرآن (٥ / ١٤٩).
(٤) وهو قول ابن زيد واختاره ابن جرير الطبري والقرطبي. انظر : جامع البيان (٨ / ٢١٤) ، والنكت والعيون (١ / ٤٧٤) ، والمحرر الوجيز (٤ / ٨٩ ، ٩٠) ، والجامع لأحكام القرآن (٥ / ١٤٩) ، والبحر المحيط (٣ / ٢٣٦).