الآية. وشرط فيها التراضي ، تنبيها أنه يحمد ذلك متى أنفق الإنسان في سبيل الله عن طيب نفس على الوجه الذي ينبغي وبمقدار ما ينبغي ، حسب ما بيّنه الله تعالى ، ودل على رضاه في صرفه إليه (١) ، وقوله : (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) نظر إليه نظرات مختلفة ، ففسر بحسبها ، الأول : لا يقتل بعضكم بعضا (٢) ، قال : والنهي لا يصحّ إلا على هذا ، فإن الإنسان مضطر إلى أن لا يقتل نفسه ما لم تعرض له شبهة كشبهة أهل الهند (٣) في قتلهم أنفسهم ، قال : واستعار لفظ الخطاب في قوله (أَنْفُسَكُمْ) تنبيها أنه يجب أن تكون نفس كل واحد منكم عند صاحبه كنفسه (٤) ، قال : وعلى
__________________
(١) انظر : أحكام القرآن للجصاص (٢ / ١٧٣) فقد ذكر نحوا من هذا الكلام.
(٢) وهو قول السدي وعطاء بن أبي رباح. انظر : جامع البيان (٨ / ٢٢٩) ، ورواه ابن أبي حاتم في تفسير القرآن العظيم (٣ / ٩٢٨) عن أبي صالح وعكرمة. وقال : وروي عن مجاهد والحسن وسعيد بن جبير وعطاء وأبي سنان ومقاتل بن حيان ومطر الوراق نحو ذلك. وانظر : أحكام القرآن للجصاص (٢ / ١٨٢) ، وزاد المسير (٢ / ٦١).
(٣) أهل الهند يتوزعون على ملل شتى أشهرها : «البراهمة» وقد اشتهروا بإنكار النبوات ، كما أن أهم ما يجتمع عليه أهل الهند القول بالتناسخ حتى قال البيروني : «التناسخ علم الملة الهندية ، فمن لم ينتحله لم يك منها ، ولم يعد من جملتها». انظر : تحقيق ما للهند ص (٣٨).
(٤) انظر : جامع البيان (٨ / ٢٢٩) ، وأحكام القرآن للجصاص (٢ / ١٨٢) ،