الآخرة ، أو جعل له عقوبة في الدنيا (١) ، وبعضها غير معلوم ، قالوا : والصغائر كلها يجب أن تكون غير معلومة ، وإلا كان إغراء بالمعصية ، وذلك أن الله تعالى وعد أن يغفر بتجنّب الكبائر الصغائر ، فلو بيّنا جميعا لكان المكلّف لا يبالي بارتكاب الصغائر مع تجنب الكبائر ، فكان يؤدي ذلك إلى مفسدة (٢) ، ومنهم من قال : يجب أن يكونا معلومين ، وإلا لم يصح أن تكون الكبيرة معلومة من حيث ما هي كبيرة لما تقدم أن ذلك / من الأسماء المتضايفة ، التي لا يعرف أحدهما إلا بالآخر ، قال : فالكبائر هي
__________________
(١) وهذا قول الضحاك رواه عنه الطبري في جامع البيان (٨ / ٢٤٧) ، وذكره عن الضحاك البغوي في معالم التنزيل (٢ / ٢٠٣) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٢ / ٦٦) ، وقال : روى هذا المعنى أبو صالح عن ابن عباس ، وبه قال الضحاك. وذكره ابن القيم عن الضحاك في مدارج السالكين (١ / ٣٤٩). ورجح البيضاوي هذا القول في أنوار التنزيل (١ / ٢١٢).
(٢) قال النيسابوري : «والحق في هذه المسألة وعليه الأكثرون ـ بعد ما مرّ من إثبات قسمة الذنب إلى الكبير والصغير ـ أنه تعالى لم يميز جملة الكبائر عن جملة الصغائر لما بيّن في هذه الآية أن الاجتناب عن الكبائر يوجب تكفير الصغائر ، فلو عرف المكلف جميع الكبائر اجتنبها فقط ، واجترأ على الإقدام على الصغائر ، أما إذا عرف أنه لا ذنب إلا ويجوز كونه كبيرا صار هذا المعنى زاجرا له عن الذنوب كلها .. هذا ولا مانع من أن يبين الشارع في بعض الذنوب أنه كبيرة ..» تفسير غرائب القرآن (٢ / ٤٠٤).