يفعل فعلهم ، وحظر أن يمدح الإنسان نفسه ، بل أن يزكي غيره إلا على وجه مخصوص ، فالتزكية في الحقيقة / هي الإخبار عما ينطوي عليه الإنسان ، ولا يعرف ذلك إلا الله تعالى (١) ، ولهذا قال : (بَلِ اللهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ) ونبّه بقوله : (وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً) أن تزكيته ليست لضرب من الميل ، فهو منزه عن كبير الظلم وصغيره (٢). والفتيل : هو الخيط الذي في شق النواة (٣) ، وقيل : هو ما فتل من الوسخ بين الأصبعين (٤) ، تشبيها بالفتيلة هيئة وصغر قدر (٥) ، قوله تعالى : (انْظُرْ كَيْفَ)
__________________
(١) نقل أبو حيان كلام الراغب في التزكية ، وقام بتلخيص تقسيمات الراغب لها ، ونسب الكلام إلى الراغب. انظر : البحر المحيط (٣ / ٢٨١).
(٢) قال أبو حيان : (وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً) إشارة إلى أقل شيء». البحر المحيط (٣ / ٢٨١).
(٣) وهذا قول عطاء ومجاهد وقتادة والحسن والضحاك وعطية ، وهو أحد قولي ابن عباس. انظر : جامع البيان (٨ / ٤٥٨ ، ٤٥٩) ، وزاد المسير (٢ / ١٠٥).
(٤) وهو قول ابن عباس المشهور والسدي. قال ابن أبي حاتم : وروي عن مجاهد في إحدى الروايات ، وسعيد بن جبير ، وأبي مالك والسّدّي نحو ذلك. انظر : جامع البيان (٨ / ٤٥٧ ، ٤٥٨) ، وتفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم (٣ / ٩٧٢) ، والنكت والعيون (١ / ٤٩٥) ، وزاد المسير (٢ / ١٠٥).
(٥) وانظر : معنى الفتيل في : معاني القرآن للفراء (١ / ٢٧٣) ، وتفسير غريب القرآن ص (١٢٩) ، ومعاني القرآن للنحاس (٢ / ١٠٩) ، ومعاني القرآن وإعرابه للزجاج (٢ / ٦٠) ، ومجمل اللغة ص (٥٥٩) ، وغريب القرآن