والقصد بتمحيص المؤمن ما ذكره في قوله : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)(١). وقوله : (وَلِيُمَحِّصَ ما فِي قُلُوبِكُمْ)(٢) وعلى معنى المحص ما ورد من لفظ الفتنة والابتلاء ، والقصد بمعنى الآية أن المؤمن والفاسق كسبيكتي ذهب : إبريز كلف (٣) ، وبهرج (٤) من خزف إذا فتنا خلص الإبريز ، وانمحق البهرج ، فكما أن السبك سبب لاختيار الإبريز وإعداده في خاصّ الخزانة ، وسبب لاجتواء (٥) البهرج وطرحه بالمبعد ، كذا التكليف سبب لاصطفاء المؤمن لكريم جواره ، وطرد الكافر إلى حرق ناره (٦) ، كما قال في المؤمنين : (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ)(٧) ، وقال في الكافرين : (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ
__________________
(١) سورة الأحزاب ، الآية : ٣٣.
(٢) سورة آل عمران ، الآية : ١٥٤.
(٣) الإبريز : الذهب الخالص ، والكلف : السواد في الصّفرة. انظر : تهذيب اللغة (١٣ / ٢٠٢) ، والقاموس المحيط مادّة (كلف).
(٤) البهرج من الدراهم وغيرها : الرديء. انظر : تهذيب اللغة (٦ / ٥١٤).
(٥) الاجتواء : كره الشيء لعدم ملاءمته. انظر : القاموس (١٦٤١).
(٦) أشار القشيري إلى هذا المعنى في اللطائف ، فقال في تفسير هذه الآية : «اختبارات الغيب سبك للعبد ، فباختلاف الأطوار يخلصه من المشائب ، فيصير كالذهب الخالص لا خبث فيه ، كذلك يصفو عن العلل ، فيتخلّص لله ، ويمحق الكافرين في أودية التفرقة» لطائف الإشارات (١ / ٢٩٣).
(٧) سورة القمر ، الآية : ٥٥.