ذلك مراد ، لأنه ليس يعني بذلك غمّين ، بل غموما كثيرة متتابعة متوالية (١) كقولهم : لبّيك (٢) وقوله : (بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ)(٣) أي نعمه متوالية (٤) ، ومنهم من اعتبر أحد الغمين بالمسلمين
__________________
ـ والجامع لأحكام القرآن (٤ / ٢٤٠) ، والبحر المحيط (٣ / ٩٠ ، ٩١).
(١) ذكر ذلك الفخر الرازي في التفسير الكبير (٩ / ٣٤) ، والنيسابوري في تفسير غرائب القرآن (٢ / ٢٨٣).
(٢) قال ابن السكيت : «أي : إلبابا بعد إلباب ، أي لزوما لطاعتك بعد لزوم ، يقال : ألب بالمكان ولبّ به إذا أقام به ولزمه» إصلاح المنطق ص (١٥٨).
وقال ابن الأثير : لبيك : هو من التلبية ، وهي إجابة المنادي ، أي إجابتي لك يا رب ... ولم يستعمل إلا على لفظ التثنية في معنى التكرير ، أي إجابة بعد إجابة. النهاية (٤ / ٢٢٢). وانظر : الزاهر (١ / ١٠٣).
(٣) سورة المائدة ، الآية : ٦٤.
(٤) خالف الراغب بذلك مذهب أهل السنة والجماعة بتأويله صفة اليدين لله تعالى إلى معنى النعمة ، موافقا بذلك الأشاعرة في تأويل الصفات. أما أهل السنة والجماعة فيثبتون لله تعالى يدين حقيقيتين لائقتين بذاته سبحانه وتعالى ، لا تشبهان ما للمخلوق من جارحة ؛ تعالى الله عن ذلك علوّا كثيرا.
قال الطبري (بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ) يقول : بل يداه مبسوطتان بالبذل والإعطاء وأرزاق عباده وأقوات خلقه ، غير مغلولتين ولا مقبوضتين» جامع البيان (١٠ / ٤٥٣). وقال شارح الطحاوية : وأما لفظ الأركان والأعضاء والأدوات ، فيتسلّط بها النفاة على نفي بعض الصفات الثابتة بالأدلة القطعية كاليد والوجه. ثم نقل عن أبي حنيفة أنه قال : له يد ووجه ونفس كما ذكر