(فَإِنْ كانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ).
(فَإِنْ كانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ)(١).
إلى غيرها من آيات تنمّ عن كينونة قائمة ، لا عن حالة غابرة.
فقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)(٢) ليس إخبارا عن حالة سابقة وإنّما هي صفته قائمة ، كما في قوله : (إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً)(٣) صفتان قائمتان بذاته تعالى عبر الوجود. فقوله تعالى : (وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ) كلام مستأنف دفعا لدخل توهّم ، فلا يتوهّم أحد أنّه كان من الملائكة ـ وهم معصومون ـ فتمرّد وكفر بأنعم الله ، بل كان من قبيل الجنّ ، حيث يجوز عليهم الفسق والعصيان كما في الإنس.
قال الزمخشري ـ عند تفسير الآية (٥٠) من سورة الكهف ـ : قوله تعالى : (كانَ مِنَ الْجِنِ) كلام مستأنف جار مجرى التعليل بعد استثناء إبليس من الساجدين. كأنّ قائلا قال : ما له لم يسجد؟
فقيل : كان من الجنّ ففسق عن أمر ربّه. والفاء للتسبيب أيضا ، جعل كونه من الجنّ سببا في فسقه ، لأنّه لو كان ملكا كسائر من سجد لآدم لم يفسق عن أمر الله ، لأنّ الملائكة معصومون البتّة لا يجوز عليهم ما يجوز على الجنّ والإنس ، كما قال تعالى : (لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ)(٤). وهذا الكلام المعترض (الجملة المعترضة أثناء الكلام) تعمّد من الله تعالى لصيانة الملائكة عن وقوع شبهة في عصمتهم.
فما أبعد البون بين ما تعمّده الله وبين قول من ضادّه وزعم أنّه كان ملكا ورئيسا على الملائكة فعصى ، فلعن ومسخ شيطانا. ثمّ ورّكه على ابن عبّاس (٥).
ووافقه ابن المنير الإسكندري في الهامش قال : الحقّ معه في هذا الفصل.
***
وبعد فإليك من سائر الروايات :
__________________
(١) النساء ٤ : ١١ ـ ١٢.
(٢) النساء ٤ : ١.
(٣) النساء ٤ : ٢٤.
(٤) الأنبياء ٢١ : ٢٧.
(٥) الكشّاف ٢ : ٧٢٧. قوله : ثمّ ورّكه على ابن عبّاس ، أي اتّهمه به.