كانا فيه (١). وقال : (يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما لِيُرِيَهُما سَوْآتِهِما إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ)(٢) وقد قال الله لنبيّه عليه الصلاة والسّلام : (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) إلى آخر السورة (٣). ثمّ ذكر الأخبار التي رويت عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «إنّ الشّيطان يجري من ابن آدم مجرى الدّم» (٤).
قال ابن اسحاق : وإنّما أمر ابن آدم فيما بينه وبين عدوّ الله كأمره فيما بينه وبين آدم ، فقال الله : (فَاهْبِطْ مِنْها فَما يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيها فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ) ثمّ خلص إلى آدم وزوجته حتّى كلّمهما ، كما قصّ الله علينا من خبرهما قال : (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى)(٥) فخلص إليهما بما خلص إلى ذرّيّته من حيث لا يريانه (٦).
[٢ / ١٢٥٣] وأخرج عبد الرزّاق وابن جرير عن ابن عبّاس قال : إنّ عدوّ الله إبليس عرض نفسه على دوابّ الأرض أنّها تحمله حتّى يدخل الجنّة معها ويكلّم آدم. فكلّ الدوابّ أبى ذلك عليه حتّى كلّم الحيّة فقال لها : أمنعك من ابن آدم فإنّك في ذمّتي إن أنت أدخلتني الجنّة ، فحملته بين نابين من أنيابها حتّى دخلت به ، فكلّمه من فيها وكانت كاسية (٧) تمشي على أربع قوائم فأعراها الله وجعلها تمشي على بطنها. يقول ابن عبّاس : فاقتلوها حيث وجدتموها ، أخفروا ذمّة عدوّ الله فيها (٨). (٩)
[٢ / ١٢٥٤] وأخرج ابن جرير عن سلمة ، قال : قال ابن إسحاق : وأهل التوراة يدرسون : إنّما كلّم آدم الحيّة ، ولم يفسّروا كتفسير ابن عبّاس (١٠).
[٢ / ١٢٥٥] وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن مسعود وناس من الصحابة قالوا : لمّا قال الله لآدم : (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) أراد إبليس أن يدخل عليهما الجنّة فأتى الحيّة ، وهي دابّة لها أربع قوائم كأنّها البعير ، وهي كأحسن الدوابّ فكلّمها أن تدخله في فمها حتّى تدخل به إلى آدم ،
__________________
(١) هذا ليس نصّ آية. ويريد آية البقرة : (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ).
(٢) الأعراف ٧ : ٢٧.
(٣) سورة الناس.
(٤) البخاري ٢ : ٢٥٨ و ٤ : ٩٣ و ٨ : ١١٤ ؛ أحمد ٣ : ١٥٦ و ٢٨٥ و ٣٠٩ و ٦ : ٣٣٧ ؛ مسلم ٧ : ٨.
(٥) طه ٢٠ : ١٢٠.
(٦) الطبري ١ : ٣٤١ ـ ٣٤٢ / ٦٣٠.
(٧) الكاسي : ذو الكسوة. صاحب المجد والشرف.
(٨) يقال : أخفره أي نقض عهده وغدر به.
(٩) الدرّ ١ : ١٣١ ؛ الطبري ١ : ٣٣٩ / ٦٢٧ ؛.
(١٠) الطبري ١ : ٣٣٩ / ٦٢٨.