أنا هنا يا ربّ (١) ، قال : ألا تخرج؟ قال : أستحيي منك يا ربّ ، قال : ملعونة الأرض الّتي خلقت منها ، لعنة يتحوّل ثمرها شوكا. قال : ولم يكن في الجنّة ولا في الأرض شجرة كان أفضل من الطلح (٢) والسدر ؛ ثمّ قال : يا حوّاء أنت الّتي غررت عبدي ، فإنّك لا تحملين حملا إلّا حملتيه كرها ، فإذا أردت أن تضعي ما في بطنك أشرفت على الموت مرارا. وقال للحيّة : أنت الّتي دخل الملعون في جوفك حتّى غرّ عبدي ، ملعونة أنت لعنة تتحوّل قوائمك في بطنك ، ولا يكن لك رزق إلّا التراب ، أنت عدوّة بني آدم وهم أعداؤك حيث لقيت أحدا منهم أخذت بعقبة ، وحيث لقيك شدخ رأسك.
قال عمرو : قيل لوهب : وما كانت الملائكة تأكل قال : يفعل الله ما يشاء (٣).
وروي عن ابن عبّاس نحو هذه القصّة.
[٢ / ١٢٥٩] وأخرج ابن جرير عن محمّد بن قيس ، قال : نهى الله آدم وحوّاء أن يأكلا من شجرة واحدة في الجنّة ، ويأكلا منها رغدا حيث شاء. فجاء الشيطان فدخل في جوف الحيّة ، فكلّم حوّاء ، ووسوس إلى آدم ، فقال : (ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ. وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ)(٤) قال : فعضّت حوّاء الشجرة ، فدميت الشجرة ، وسقط عنهما رياشهما الّذي كان عليهما (وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَناداهُما رَبُّهُما أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ)(٥) لم أكلتها وقد نهيتك عنها؟ قال : يا ربّ أطعمتني حوّاء. قال لحوّاء : لم أطعمته؟ قالت : أمرتني الحيّة. قال للحيّة : لم أمرتها؟ قالت : أمرني إبليس. قال : ملعون مدحور! أمّا أنت يا حوّاء فكما أدميت الشجرة فتدمين في كلّ هلال. وأمّا أنت يا حيّة فأقطع
__________________
(١) إسرائيليّة محضة ؛ إذ كيف يخفى على الله مخبأ آدم وزوجه!؟؟ جاء في سفر التكوين (أصحاح ٣) : وسمعا صوت الربّ ماشيا في الجنّة فاختبأ آدم وحوّاء من وجه الربّ خوف الفضيحة ، حيث وجدا أنفسهما عريانين ، فنادى الربّ الإله آدم وقال : أين أنت ، لعلّك أكلت من شجرة المعرفة ، فعلمت أنّك عريان. كما أنّ قصّة الحيّة وأنّها حملت إبليس إلى الجنّة ـ في ستار من أعين الخزنة ـ قصّة إسرائيليّة دبّت إلى حظيرة الإسلام على يد مردة أهل الكتاب. وقد تكلّمنا عن ذلك بتفصيل في الجزء العاشر من كتابنا «التمهيد» (الجزء الثاني من التفسير والمفسّرون في ثوبه القشيب).
(٢) شجر من شجر العضاه وهو الشجر العظيم ذو الشوك.
(٣) الطبري ١ : ٣٣٦ ـ ٣٣٧ / ٦١٩ ؛ ابن عساكر ٦٩ : ١٠٣ ـ ١٠٤ رقم ٩٣٢٨.
(٤) الأعراف ٧ : ٢٠ ـ ٢١.
(٥) الأعراف ٧ : ٢٢.