يكون هو الثمرة الطبيعيّة لإزالة الحجب الساترة ، واتّصال الروح بالغيب والاطمئنان إليه. ومع التقوى والإيمان بالغيب عبادة الله في الصورة الّتي اختارها ، وجعلها صلة بين العبد والربّ. ثمّ السخاء بجزء من الرزق ، اعترافا بجميل العطاء ، وشعورا بالإخاء. ثمّ سعة الضمير لموكب الإيمان العريق ، والشعور بآصرة القربى لكلّ مؤمن ولكلّ نبيّ ولكلّ رسالة. ثمّ اليقين بالآخرة بلا تردّد ولا تأرجح في هذا اليقين.
وهذه كانت صورة الجماعة المسلمة الّتي قامت في المدينة يوم ذاك ، مؤلّفة من السابقين الأوّلين من المهاجرين والأنصار. وكانت هذه الجماعة بهذه الصفات شيئا عظيما ، شيئا عظيما حقّا يتمثّل هذه الحقيقة الإيمانيّة فيها. ومن ثمّ صنع الله بهذه الجماعة أشياء عظيمة في الأرض ، وفي حياة البشر جميعا. ومن ثمّ كان هذا التقرير : (أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) ...
وكذلك اهتدوا وكذلك أفلحوا. والطريق للهدى والفلاح ، هو هذا الطريق المرسوم للأبد. والعاقبة للمتّقين.
***
وأمّا الروايات فإليك منها :
[٢ / ٩٧] ما أخرجه أبو نصر السجزي في كتاب «الإبانة» عن ابن عبّاس ، قال : آخر حرف عارض به جبرئيل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : (الم. ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ)(١).
[٢ / ٩٨] وأخرج أبو جعفر بالإسناد إلى مجاهد قال : أربع آيات من سورة البقرة في نعت المؤمنين. وآيتان في نعت الكافرين. وثلاث عشرة في المنافقين. (٢)
[٢ / ٩٩] وهكذا ذكر الثعلبي نقلا عن مجاهد قال : أربع آيات من أوّل هذه السورة نزلت في المؤمنين ، وآيتان بعدها نزلت في الكافرين ، وثلاث عشرة آية بعدها نزلت في المنافقين (٣).
[٢ / ١٠٠] وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن الضريس وابن المنذر عن مجاهد قال : من أوّل البقرة أربع آيات في نعت المؤمنين ، وآيتان في نعت الكافرين ، وثلاث عشرة آية في نعت المنافقين. ومن آية أربعين إلى عشرين ومائة في بني إسرائيل (٤).
__________________
(١) الدرّ ١ : ٥٩.
(٢) الطبري ١ : ١٥٢ / ٢٣٠.
(٣) الثعلبي ١ : ١٤٩.
(٤) الدرّ ١ : ٥٩.