والبراءة والاحتياط العقليين ، لأنها خارجة عن الامور الاعتباريّة في نظر الاصوليّين ، خلافا لاصطلاح الفلاسفة ؛ إذ المصطلح عندهم إطلاق الأمر الاعتباري على الأعمّ منه ومن الأمر الانتزاعي ، مثل الإمكان والامتناع ونحوهما في قبال اصطلاح الاصولي ، إذ هو يطلق الأمر الاعتباري في مقابل الأمر الانتزاعي الواقعي.
فنقول : إنّ الحقّ الذي لا ينبغي العدول عنه في المقام أنّا سلّمنا ترتّب الغرض الواحد على نفس مسائل العلم الواحد فمن المستحيل تعقّل الكشف عن جامع مقولي واحد من بينها حتّى يمكنك أن تقول : إنّ ذلك الجامع الواحد يكشف عن جامع وحداني كذلك بين موضوعاتها ، تمسّكا بقاعدة السنخية والتطابق بين الأغراض والموضوعات والمحمولات ؛ إذ من البديهيّات الضروريّة عدم إمكان تعقّل وجود جامع مقولي بين الأمر الاعتباري والأمر التكويني ، فلا يخفى عليك أنّ الأمر يكون كذلك بين الأمرين الاعتباريين أو الامور الاعتباريّة ؛ إذ لو كان بينهما جامع لكان بقانون السنخية من سنخها إلّا من سنخ أمر المقولي الأخير.
فإذن انقدح لك انسداد وجدان كاشف وحداني ليكون هو المؤثّر في حصول الغرض الواحد ، فإنّ التأثير والأثر إنّما يوجد ويرى في العلل التكوينيّة والأشياء المتأصّلة ، كالمقولات الواقعيّة من الجواهر والأعراض بما لها من المقولات.
وقد انتهى كلامنا إلى بيان دليلنا الرابع ، فاعلم أنّ موضوعات مسائل علم الفقه تنقسم إلى أقسام وأنحاء مختلفة ، كالماء والدم والمني وأمثال ذلك ، إذ كلّ واحد من هذه المذكورات ليس إلّا من مقولة الجوهر التكويني.
وبعضها الاخرى تكون من سنخ مقولة الوضع ، كالقيام والركوع والسجود وأمثال ذلك.
والثالث منها تكون من مقولة الكيف المسموع ، نظير القراءة في الصلاة