ليس عليه مزيد مع أنه عن هذه الرتبة لبعيد ، بل هو في ميدانها قصير وبليد ، ولكن حملهم حسن الظن على تلك الإشارة ، فساعدهم في غير برهان واضح ولا أمارة ، وفي الحين وجه الباشدور كتاب (١) مولانا الشريف لخديمه الأسعد الأنصح الأنجد ، ذي الرأي السديد ، القائد السيد الحاج محمد (٢) بنسعيد ، بتنفيذ الكاتب الذي يعينه الباشدور من الأهلة والبدور ، وعين له الكاتب الذي أشاروا به عليه ، وأن يرسله عاجلا إليه ، ليكلمه في شأن ذلك علانية ، وليأخذ بالحزم والتأهب ويكون من ذلك على نية. فأخبرني الخديم المذكور بهذا الخبر ، وطالعني بذلك الكتاب الشريف فقلت أين السها من القمر ، فلست من أولائك الفرسان ، وليس لي قلم ولا لسان ، ويعرف هذا مني كل إنسان. فقال لا يقبل لك في هذا عذرا ، والمعين أعرف بحالك وأدرى ، فأجب من دعاك طوعا ، فأنت معروف بالصبر والاستسلام دأبا وطبعا. ثم توجهت إلى الباشدور فتلاقيت به ومخائل السرور عليه تدور ، فأخبرني بخبر هذه الحركة السعيدة ، وأنها قصيرة الأمد غير بعيدة. ودفع لي من الزاد ، للتهيئ ما فيه الكفاية وغاية المراد ، وأخبرني أن مولانا ـ أيده الله ـ ، وأدام مجده وعلاه ، أمر بصنع كساوي
__________________
(١) انظر نص هذا الكتاب الدراسة.
(٢) ينتمي الحاج محمد بن الحاج محمد بن الحاج محمد بن أحمد بن أحمد بن سعيد السلاوي ، إلى أسرة بن سعيد المشهورة بسلا ، والمنحدرين من الأندلس ، وتعتبر من العائلات المغربية المخزنية ، كان أول منصب تقلده الحاج محمد بن سعيد في خدمة المخزن ، هو أمانة مرسى آسفي ثم عين على رأس باشوية سلا ونواحيها سنة ١٢٧٧ ه / ١٨٦١ م وفي سنة ١٨٦٥ م أرسله السلطان سيدي محمد بن عبد الرحمن صحبة السفير محمد بن عبد الكريم الشركي إلى ملك فرنسا نابليون الثالث (١٨٠٨ ـ ١٨٧٣ م) ، وتوفي الباشا الحاج محمد بنسعيد وهو ما زال يشغل منصب الباشا بمسقط رأسه سلا يوم ٨ ربيع الثاني ١٣١٠ ه / ٣٠ أكتوبر ١٨٩٢ م ، كما تشهد على ذلك رسالة السلطان الحسن الأول إلى ابن الفقيد عبد الله بن سعيد يوليه باشوية سلا خلفا لوالده بتاريخ ١٣ نوفمبر ١٨٩٢ م ، والذي عين في ما بعد عضوا بدار النيابة السلطانية بطنجة. ـ العدد العديد من الظهائر السلطانية المتعلقة بعائلة آل بن سعيد توجد بخزانة الحاج العربي بن سعيد بسلا ـ. نشر الكثير منها مصطفى بوشعراء في جزءين «التعريف ببني سعيد السلاويين وبنبدة عن وثائقهم» ، الرباط ، سنة ١٩٩١ م.