من تلك الجعبة تخطفه حديدة أخرى رأسها مستدير ، بقدر نصف دور الريال ، وتجذبه إلى محل آخر ، فيسقط في داخل ثقبة هناك ، وينزل إلى الطرف الموضوع لجمعه ، فيخرج عنده وقد رقم في حرفه ما يرقم في حرف الريال من حروفهم. وبهذا يتم عمله.
ولم نر في ذلك الوقت خدمة اللويز (١) ، لكن رأينا أناسا يخدمون من النحاس على قدر اللويز ، وخدمته كخدمة الريال ، لا فرق. والله أعلم. ووجدنا رجلين قدامها أواني مملوءة لويزا ذهبا ، وآنية أخرى كالصقعة فيوسطها صم ، وهو يأخذ اللويز من ذلك الطرف ، ويرمي به واحدا بعد واحد على ذلك الصم ، فإذا وجد واحدا طنينه ناقص على طنين الذهب المعهود يجعله في مكان وحده وذلك إما لتشعير به أو شبهه ، قيل إنه يرجع إلى محل تدويب الذهب ، وهذا اللويز الذي يقلبه هؤلاء ، ويعزلون / ١٣٣ / الجيد منه لا يكتفي بهذا التقليب ، بل يجمع هذا الجيد ويوزن في مكينة أخرى حيرت منا الأدهان ، وصار كل واحد منا كالحيوان الولهان ، وهي في غاية اللطافة والظرافة والنظافة أجزائها من صغر لطيفة ، وصورة ما شاهدته منها أنهم اتخذوا طبلة مربعة من عود ـ والله أعلم ـ قائمة على أربعة أرجل أزيد من نصف قامة الإنسان ، وفي وسطها ناعورة من صفر ، في حرفها مسمار بل مسامير ناتئة منه ، بعضها صغير طوله قدر حرف اللويز ، وهي في صف واحد بل صفوف محيطة بحرف الناعورة ، والمسامير الأخرى أطول من الصغيرة بيسير. وتحت الناعورة صندوق مربع من صفر ، لكن شكله كقطعة دائرة رأسه الذي أسفل الناعورة لا يرى وهو ـ والله أعلم ـ رقيق قدره ما يخرج منه خمسة من اللويز ، مصطفة مبسوطة من اليمين إلى اليسار ، وطرف الصندوق الآخر مرتفع منفرج ، فيوتى باللويز ، فيوضع / ١٣٤ / في المحل المنفرج من الصندوق المرتفع ، فتلقاه الناعورة ومساميرها ، لأن حرف الناعورة فيه ستة صفوف من المسامير الطويلة ، بين كل صفين منه قدر قطر اللويز ، وبين كل صفين من هذه الصفوف صفوف المسامير الصغيرة ، وقد ظهرت لي علة ذلك ـ والله أعلم ـ كما
__________________
(١) قطعة ذهبية قديمة وتنسب لملك فرنسا لويس الرابع عشر ، وتسمى اللويز الفرنسوي. وهي تقتنى حتى الآن ، وإن كان التعامل غير جار بها.