وعند استقرار الخدمة الستة محل تلك المائدة يرسلون تلك الناعورة ، فتسير تدور دورانا مثل دوران ناعورة الشراط في غاية جهدها ، وبدورانها تنزل المائدة بالخدمة إلى معدن الفاخر بمقدار خمسمائة متر كما ذكر ، وعند نزول هؤلاء الخدمة يطلع آخرون من تربيعة أخرى حداء التربيعة التي ينزل فيها الآخرون ، وهؤلاء الخدمة يخدمون الفاخر هناك ست ساعات ، ويطلعون على أسوأ حال كأنهم من عبيد الزنج. وينزل لهذا المعدن ريح عظيم (١) من مكينة عظيمة خاصة له لتوليد الريح ، ولولاه ما تأتي الخدمة فيه ، فقلت إذ ذلك أنتم قلتم إن بين الأرض والمعدن خمسمائة متر والأودية في أرضكم كالبحار ، فبالضرورة يكون آبارها قريبا. وهؤلاء الذين حفروا تلك المياتر لم يصلوا إلى الماء ، قيل بلى حين وصلوا إليه نزحوه بالطرونبات ونبوا عليه بناء محكما من جميع الجهات فرجع إلى مواضع آخر ، وقيل إنه يخرج من هذا المعدن عشرون ألف قنطار كل يوم لخدمة مكينات هذه الدار. وفيها من الخدمة تسعة آلاف (٢) واثنا عشر مهندسا ، قدم علينا أحدهم فرأيته ولدا صغيرا نحيف الجسم ، قلت لا أظن هذا الرجل يدرك الثلاثين سنة ، فسئل عن سنه فقال : في هذا الشهر يكمل ستا وشرين سنة ولا غرابة في ذلك لمن نشأ في علوم الهندسة والرياضيات. وهذه الدار في طرقها سكك لبابور البر يأتي إليها بالمعادن وغيرها ، ويخرج منها المكينات والمصنوعات التي /١٩٤/ تخدم فيها ، ورأينا في بعض أماكنها حجرا أحمر قيل إنه يضيفونه إلى معدن آخر ويخرجون منه الحديد والنحاس ، وذكروا أن في غربنا من ذلك معادن
__________________
(١) حقيقة المناجم ذات عمق ٥٠٠ متر عن سطح الأرض تتطلب التهوية التي يتخصص بها أحد الآبار ، وبئر آخر يخصص لإخراج الهواء الملوث ، وامتصاص غازGrisou السام ، والغبار الذي يؤدي بالعمال إلى مرض تنفسي السيليكوز وكذلك للتقليل من السخونة. (البخار والآلات البخارية).
(٢) استغلال الفحم الجوفي مع ضعف المكننة ، يتطلب أعداد هائلة من اليد العاملة التي كانت وما زالت طليعة نقابية للطبقة الشغيلة (نفس المرجع السابق).