كثيرة (١). وأخبرنا أن هذه الدار صير عليها في بنائها وإقامتها ثلاثون مليونا من الريال ، وأن صاحبها ربح في هذا العام فيها أربعة ملايين من الريال.
ومن جملة ما رأيناه فيها من الصنائع ، أننا وجدنا ساقية تجري بالحديد المذاب كما يجري الماء في سواني العراصي ، وينصب في برمة عظيمة أعظم من برمة الحمام بكثير ، والنار (٢) توقد في باطنها ، ويخرج منها لهب عظيم ، فإذا قرب ملؤها تدور فينحدر فمها إلى أسفل ، فتبعد الخدمة عنها وتصير ترمي بشرر من النار ، ثم يوضع تحتها برمة أصغر منها كبرمة الحمام ، وتملأ هي الأخرى من المعدن المذاب فيها. فإذا ملئت يفتحون مخرجا فيها من أسفلها ويضعون تحته قوالب مختلفة الأشكال على القدر المراد عندهم ، وكلما ملئ قالب ينزع وينصب آخر ، وهكذا حتى تفرغ البرمة. وهذه القوالب منها ما هو معد لفرغ رويضات بابور البر وطوله أقل من ذراع والعرض والغلظ مثل ثلث ذراع. ومنها ما هو يصنع منه بارات طريق الحديد ، ويكون طول قالبه أزيد من ذراعين ، والعرض والغلظ كثلث ذراع ، ومنها ما هو لغير ذلك من آلات المكينات ، إذ كل آلة يصنعون لها قالبا بقدرها أو أزيد بيسير في بعضها فقط. ثم رأينا خدمة يخدمون البارات التي تنصب في طريق الحديد ، فيأتون أولا إلى القطعة من الحديد المفروغة لأجلها ، بعدما يخرجونها /١٩٥/ من النار يجعلون رأسها بين ناعورتين كساريتين كما ذكر ، قد حفر فيهما قوالب البارات متفاوتة في الكبر
__________________
(١) فعلا عثر على الفحم الحجري بأنجرة وطنجة ، والإثمد بالريف وقرب سبتة ، والرصاص والنحاس بالجنوب وسوس والحديد بجبل الحديد قرب الصويرة ، وغير ذلك إلا أن السلطان الحسن الأول كان يحترز كثيرا ، ولا يأذن للأجانب ولا لغيرهم في التنقيب فضلا عن الاستغلال خصوصا أن المناجم كائنة بداخل المغرب وواقعة بنواحي نائية منعزلة.
Miege) Le Maroc et l\'EuroPe (, Tom 4: 335.
(٢) المواد الأولية الأكثر أهمية هي الكوك التعديني الناتج من تكرير الفحم الحجري ، في بواتق مغلقة بمعزل عن الهواء لصهر حديد الزهر في المسابك وداخل الأفران العاية. (الموسوعة).
رسم توضيحي لشكل الفرن العالي من إنشاء إدريس الجعيدي (أ): (انظر ملحق الرسوم والصور صفحة ١٥).