وأثناء عودتهم مرة ثانية إلى التراب الفرنسي ، خصصت لهم الحكومة الفرنسية عدة زيارات إلى منشآتها العسكرية بعدما علمت أن المغاربة خلال إقامتهم ببلجيكا وأنجلترا اطلعوا على الكثير من الصناعات الحربية ، بينما أثناء إقامتهم الأولى بفرنسا اقتصرت زياراتهم على المرافق الثقافية والاقتصادية والعمرانية فقط ، لهذا ركزت على هذا الجانب لإظهار عظمتها في هذا الميدان وذلك في إطار المنافسة الشديدة بين باعة الأسلحة. فأخذتهم إلى فابريكة صنع رويضة الكراريط من العود ، وفابريكات صنع الخفيف والكور وخزائن العدة مثل ما تقدم بيانه أثناء إقامتهم بلندن ، وقد تجنب الجعيدي تكرار الخوض في ذلك واختصر ذلك في سطرين (١) فقط ، وتطرق فقط لخاصية متميزة تعرف عليه بفرنسا ، هي أنهم يتوفرون على مختبر خاص به (٢) عدد من المعلمين المهندسين يوتى لهم بعدد من العينات الجديدة من المكاحيل التي تظهر عند كل جنس من الأجناس الأخرى ، ليختبروها ويقلبوها ويخبروهم بما يظهر لهم منها ، وذلك لمسايرة التطور التقني الحربي ، بدل الاكتفاء بشراء الأسلحة الجديدة جاهزة فقط ، حتى لو كانت عاجزة إن فاسدة كما سبق القول. وأكد أن سبب هذا التفوق راجع إلى مدارسهم المتعددة ، لتكوين أبنائهم تكوينا ثقافيا عسكريا منذ الصبا ، عند زيارتهم «لسكويلة» أي المدرسة العسكرية بباريس. وذكر «أنهم (٣) يأتون إلى هذه الدار في الساعة الخامسة من صباح كل يوم ، ولا يخرجون منها حتى تصل الساعة الحادية عشرة ليلا ، وتبقى لهم من اليوم بليلته ست سوائع للنوم والاستراحة ...» وهي إشارة ضمنية لأهمية الدراسة المتخصصة والمكثفة.
أما الحكومة الإيطالية فقد توصلت هي الأخرى بعدة تقارير من سفرائها بعواصم الدول المعنية عن أنشطة السفارة المغربية بها ، بالإضافة إلى تواجد سفيرهم بطنجة السيد ستيفانو سكوفاصو الذي سبق وصول السفارة إلى طورين ، كان يغازل المخزن
__________________
(١) انظر رحلة الجعيدي : ص ٣٢١.
(٢) نفس الرحلة : ص ٣٢٢.
(٣) نفس الرحلة : ص ٣٢٣.